إفتتاحية العدد 25

الافتتاحيّة العدد 25

افتتاحيّة العدد

1.

لا يتخلّف موضوع هذا العدد (الوحي) عن سياق موضوعات الأعداد السابقة من حيث هو موضوع يطرح نفسه اليوم بعد أن تجاوز عقودًا من القدح بمشروعيّته كشأن معرفيّ[1]، أو بعد أن تكرّس، ولعقود أيضًا، في صيغ معلمَنة بالكامل[2]، لينفتح على مُحتمَلات أكثر انشراحًا في زمن تفتُّت الثنائيّات الصلبة والإقصائيّات الحادّة.

إنّ طرح موضوع الوحي، لا كشأن هامشيّ (تاريخ-دينيّ أو تاريخ-فلسفيّ مثلًا)، ولا كمفردةٍ نقيضةٍ تُبرز صفاء المفردات الحداثويّة – كما في إشكاليّة العقل والوحي التقليديّة[3] – إنّما يعبّر عن روح هذا العصر، الذي قد وسمناه في افتتاحيّة سابقة بأنّه عصر “الاستعادات”، وإن كنّا نرى حاجة أن نكرّر أنّ هذه الاستعادة لا تريد القديم لقدمه على غرار روح عصر أرادت الجديد لجِدته[4]. بل هي استعادة الناضِج المجرّب الذي خبر القديم والجديد، وعرف أنّ الحقّ متساوي النسبة إلى كليهما.

إنّ ضمور العقليّة الاختزاليّة لا ينبغي أن يُفسح في المجال لعقليّة اجتزائيّة، تتمثّل الموضوعات التي جُعلت قيد الطمس في المرحلة السابقة، وتقبل بها على أساس اجتزائها، أو استيعابها، في منظومات تتناقض في أصل غرضها مع ما جُعلت له تلك الموضوعات.

إنّ ضمور العقليّة الاختزاليّة يجب أن ينسحب ضمورًا في قيمها ضيّقة الأفق، محدودة الإطار، التي، متى ما أخفقت في إحالة كلّ المقدّسات إلى وهم، جعلت المقدّس والمدنّس سواء، وساوت بين كلّ الأشياء، ثمّ أقرّت للمقدّس بوجود في وجدان معتنقيه فحسب، وتعاطت معه بحسب تعبيراتهم.

قد يرى البعض في ذلك رحابةً معرفيّةً تُغادر الإقصائيّة ولا تتخلّى عن مكتسبات الأنوار والحداثة من عقلانيّة وموضوعيّة (حياد) وصرامة علميّة. إلّا أنّ هذه المكتسبات – في حدّتها وإطلاقها – تضعضعت من الداخل. فالعقل أثبت بعجزه أنّه ليس الملكة الوحيدة ذات القيمة في الإنسان، وأنّ الذات المجرّدة التي انفصلت عن موضوعها لتتسلّط عليه، وتُحكم معرفتها به، استغرقت في التجرّد إلى حيث لم تعد معرفةٌ ممكنةً، لم يعد شيءٌ ملموسًا. والصرامة العلميّة التي ما برحت تغوص في عمق الأشياء تحليلًا وتشريحًا لم تضع اليد إلّا على نماذج رياضيّة وألغوريزمات (خوارزميّات) تفسيريّة تلائم العالَم الافتراضيّ. أمّا عالمنا فليس افتراضيًّا، وإن تأسّست على اعتباره افتراضيًّا فلسفات ورؤًى قدّمت نفسها على أنّها ذروة ما قد فُكِّر فيه. أمّا الحياد فما أدري ما أقول فيه لتفاهته. وأعتذر عن اللغة المتمادية. ليس الحياد سوى تسويغ لرؤية جعلت نفسها قيّمةً على الرؤى.

2.

تستفيد الاجتزائيّة من التحشيد الكبير للأنساق الفكريّة – وهي اليوم تتداعى – التي ترى في عودة الدينيّ تهديدًا لها – ولا ينبغي للدينيّ أن يعود دونما مراجعة! ونحن كنّا قد عالجنا في العدد السابق مبحث الإيمان، وهو يصلح، في هذا الصدد، لنمثّل من خلاله العقليّة الاجتزائيّة[5]. فهو، كسائر “الأوهام”، عاد عصيًّا على الاختزال. وكيف نحذفه ونحن نرى فعله في حياة المؤمنين؟ فليكن كذلك. نقرّ به من حيث هو شأن بشريّ خاصّ، لا يلزم منه أن يعمّ الناس جميعًا، ولا يلزم أن يكون له اتّجاه معيّن، كأن يشير بذاته إلى مقدّس دون آخر، فنقع في محذور المعياريّة والمفاضلة القيميّة – لا سمح الله! يرجع الإيمان، إذًا، مفردةً ذات مشروعيّة، لا بأس بتعاطيه في أيّ شأن أكاديميّ، ولا يقدح في علميّة متداوليه. هنا، تمارس الإقصائيّة المنهجيّة رقابتها كي لا يتفلّت هذا المبحث، أو أيّ مبحث مماثل، نحو وجهة قيميّة، أو مجاوِزة[6].

لكن ماذا تفعل الاجتزائيّة، والحال هذه، بمبحث الوحي، وهو متفلّت في جوهره[7]، بمعنى أنّه لا يمكن أن يُستوعب في إطار الذات الجوّانيّ مع كوننا لم نعد قادرين على تجاوزه أو اختزاله كما الموضوعات الأخرى؟

3.

موضوعيّة الوحي، إذًا، هي أولى المسائل الحامية ذات الصلة. وإن كان النقاش في الإيمان يتّخذ من متعلَّقه موردًا، فما هو المورد المقابل في حالة الوحي؟ لقد استثمرت الإجابات التي أرادت فرض السكوت على كلّ قول بمصدر للوحي خارج الذات على أنّه الموقف العلميّ الملائم، استثمرت في مقولة النبوّة، وفي المعالجات الفلسفيّة والغنّوصيّة لهذه المقولة. ونحن نرحّب بالإذعان لهذه الصلة بين الوحي والنبوّة. بيد أنّ تعريف النبوّة على أنّها شأن داخليّ مترتّب على الرياضات والمجاهدات السلوكيّة الروحيّة بحاجة إلى مؤونة لا تنهض بها الأدلّة التاريخيّة والعقليّة في المعالجة. ثمّ إذا سلّمنا جدلًا بهذا التعريف للنبوّة الذي لا يجد في دلالات المفردة اللغويّة ما يعارضه، ماذا نفعل بمفردة الرسالة (والرسول والمرسَل)؟ ألا تفترض الرسالة مرسِلًا كذلك؟ هل يستقيم الأمر لمن يريد أن يعمل من ضمن المنظومة الدينيّة أن يعترف بالنبوّة والرسالة والهداية – وهي تفترض العصمة – ثمّ يقولَ بوحي منبتّ الصلة بالمرسِل والهادي؟

بالفعل. إذا كان الإيمان جدلًا صاعدًا فالوحي، بمراتبه، جدل نازل، أو متنزَّل. فالذات التوّاقة التي ترنو إلى ما وراءها لا بدّ لها من استجابة، وإلّا لماذا جُعل التوق ذاتيَّها؟ أليست واقعيّة التوق هذا دليل واقعيّة الاستجابة تلك؟

في واقع الأمر، إنّ الاستهانة بالمعنى، معنى أن تكون إنسانًا، معنى أن تنتمي إلى تاريخ، إلى خبرة، معنى أن تنهمّ بالمعنى، وتنقّب عن المعنى، في كلّ مقبلة ومدبرة من شؤون الوجود، إنّ هذه الاستهانة تجعل من فصل التوق عن الاستجابة أمرًا هيّنًا، بل تداعيًا تلقائيًّا. فلا غرابة، إذًا، في زمن نُبِذ فيه المعنى، إذ عُدّ مِتافيزيقيًّا، وازدُريت فيه الغاية، إذ عُدّت لاهوتيّةً، أن يكون فعلٌ ولا من غاية، وأن يكون قصد ولا من معنًى، وأن يكون توق ولا من مُتعلَّق.

4.

أمّا وقد سلّمنا للوحي بمُتعلَّق هو مصدره، فما علينا لو تعدّد المصدر؟ هل يقدح في موضوعيّة الوحي تكثّر الموضوع وتغايره[8]؟ لنا أن نقول في ذلك، مرحليًّا فحسب[9]، إنّه يقتضي تكثّر الطبيعة البشريّة وتغايرها، ولا سبيل إلى ذلك برأينا – لا سيّما في ضوء المراجعات التي تسم زمننا الفكريّ هذا، والذي شكّل فيه السؤال عن الإنسان واحدًا من أبرز دواعي المراجعة.

بأيّ الأحوال، لعلّ الاستنكاف عن الولوج في مسألة موضوعيّة الوحي له دواعيه في حفظ بشريّته. إذ قد يُخشى من تضييع جنبة الوحي البشريّة إذا ما استغرقنا في جنبته الإلهيّة. وللاستنكاف مسوّغه. بل تاريخ الفكر الدينيّ بأغلبه يبعث عليه. فهو تاريخ أقصى كلّ التفاتة إلى الإنسانيّ صونًا للإلهيّ عن ما يَشرَكه. وما يدريك لعلّ البشريّ وجه الإلهيّ، ذاك الكنز المخفيّ، المكنون، المطويّ في غيب الغيوب.

إنّه العقل الإقصائي مجدّدًا؛ بلغ بالتنزيه حدّ التعطيل، أو قرع بالتشبيه باب الأنسنة. فهل من سبيل إلى الاعتراف بإلهيّة الله دون القدح بإنسانيّة الإنسان؟ أظنّ أنّ أكثر السُّبُل تجري هذا المجرى، إلّا أنّنا عندما أردنا بالمعرفة تأكيد الذات، تفرَّقت [السُّبُل] بنا عن سبيله. إنّها عاداتنا المعرفيّة التي لم ترد من المعرفة سوى التسلّط والإحاطة، سوى الاستحواذ على الألوهيّة كلّها دون ترسيخ ما هو إلهيّ فينا. والمعرفة، أصَبْتَ، المؤشِّرُ إلى الإنسان. لكنّها، بمعزل عن الله، تنطوي على نفسها، وتُستَهلَك في ممكناتها.

5.

الوحي إذًا ضمانة المعرفة. نعم، المعرفة كامنة في الإنسان، قد تتفعّل في غير اتّجاه، وهل الإلهام، والحدس، والشهود، والخيال، سوى منافذ على المعرفة كلٌّ في اتّجاه؟ ولا يجرمنّك القول بموضوعيّة الوحي على إغفال ذاتيّته. نحن إنّما نطعن في الإقصائيّة الرائجة لا لنُحِلّ محلّها إقصائيّةً من عندنا. فالقطيعة بين المقامات المعرفيّة – سمِّها هنا عرفانيّة – وبين الوحي الآتي الذاتَ من خارجها ليست من قبيل الحدّة التي يبعث عليها الاستغراق في نحو المعرفة الذي يقوم على فصل الذات عن موضوعها، وهي قسمة حادّة لا محالة. لكنّها كانت لحظةً مميّزةً في زمننا الفكريّ هذا عندما وصلنا بهذا النحو إلى ذروته، وإلى حدود استطالته بالتالي، وعرفنا أنّ للمعرفة نحوًا آخر، بل أنحاء أخرى – وهذا بدوره دعا إلى مراجعة واستعادة في باب المعرفة[10].

تصاحبت هذه المراجعة الإبستمولوجيّة مع الانعطافة اللغويّة التي طغت على معظم الاشتغال الفلسفيّ في القرن العشرين، ومع ثورة تأويليّة في الإطار الفلسفيّ القارّيّ. وقد أدّى تقاطع السياقات هذا إلى انفتاح في الحقول المعرفيّة، بعضها على بعض، كما يشهد على ذلك رواج المقاربات البين-منهجيّة والعبر-منهجيّة، وانفتاحها على أفق، إذا جاز لي القول، يتجاوز الواقعيّة المادّيّة. في المقابل، كان لهذا التقاطع أثر إحيائيّ على المباحث الدينيّة التقليديّة التي باتت، بدورها، أكثر انفتاحًا على هذه الحقول المعرفيّة، وأكثر تواضعًا تجاه جزئيّاتها. هنا تذلّلت، أو تكاد، ثنائيّة أخرى: أيّهما أبلغ مدخليّةً إلى المعرفة، الكلّيّ أم الجزئيّ؟

ما طبيعة المعرفة التي ينطوي عليها الوحي؟ وهل تتّسع اللغة البشريّة لهذه المعرفة؟ هل يصحّ منّا السؤال عن انسكاب كلّيّات الوحي في جزئيّات اللغة، أم هل نقف هنا حائرين أمام تضعضع كلّ الحدود بين اللغة والوجود، وبالتالي، بين الإنسانيّ والإلهيّ؟

لعلّ هايدغر كان مصيبًا عندما قال إنّ اللغة هي حيث يرتع الوجود، حيث يسكن الإنسان[11]. إلّا أنّ هذا الملاذ الذي يحكي الإنسان، يحمل أيضًا بواعث كماله. يقول تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)[12].

ما دلالة “اقرأ” المفتاحيّة هذه؟

إنّ الله بعد أن منّ على الإنسان بالوجود، أراد له أن يصل إلى كمال وجوده، فيترقّى عن مرتبة “العلق”، وهي المادّة المستعدّة لقبول الهيئات، خيرًا وشرًّا. وإذ قد تعهّدَها اللهُ بالتربيّة، فإنّها تصل إلى كمالها. ولـمّا كان ترتُّب الحكم على الوصف، بحسب القاعدة الأصوليّة، مشعرًا بكون الوصف علّةً[13]، فإنّنا ندرك علّةَ نسبةِ العلم إلى “ربّك الأكرم”. لأنّ الربوبيّة اسمٌ مشتقُّ من التربيّة[14]، وهي إيصال الشيء إلى كماله شيئًا فشيئًا؛ يقول الإمام زين العابدين عليه السلام في دعائه في التحميد لله تعالى: “وفتح لنا من أبواب العلم بربوبيّته“. أمّا الأكرميّة فلأنّ نعمة كمال الوجود تضاهي نعمة أصل الوجود على شرفها.

هنا مكمن الوحي: حيث يتقاطع الخلق والإيجاد مع التربية والهداية. وكلّ فصل لهما يعزل الوحي مقدّمةً لنفيه، تمامًا كما كلّ فصل بين مسار الاستهداء الصعوديّ ومسار الهداية النزوليّ؛ يقول تعالى: (وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ)[15].

وعليه، ليس قولنا نزول الوحي، أو تنزّله، حطًّا من قيمته، كما أنّ هبوط آدم من الجنّة ليس اقتصاصًا منه، بل كلاهما مقدّمة للاكتمال الذي لا يكون إلّا حيث يستطيع الإنسان استكشاف ممكنات بشريّته في إطار نُظُم الهداية المجعولة في الكون وفيه.

مع العدد

يُطوّر شفيق جرادي في المقالة الأولى من الملفّ مقاربته التي يتقدّم بها تحت عنوان “إلهيّات المعرفة” مبيّنًا بعض خصائصها، ومستعينًا بها لإقامة الربط بين الوجود والوحي، مناقشًا، من ثمّ، عددًا من الأطروحات الإسلاميّة والعلمانيّة فيما خصّ الوحي.

وفي المقالة الثانية، يعالج غلام رضا جمشيديها وأبو الفضل مرشدي رؤية الفارابي الفلسفيّة للوحي، فيتناولان إشكاليّة العلاقة بين الفيلسوف والنبيّ التي قامت على التفاضل بين ملكتَي الخيال والعقل في الإنسان.

في ثالث المقالات، يعرض لنا محمّد مرتضى لرؤية العلّامة الطباطبائي للوحي من حيث هو شأن تكوينيّ وشأن معرفيّ في آن، معالجًا الإشكالات الناتجة عن هذه الطبيعة المزدوجة.

أمّا رابعًا، فيقرأ أحمد واعظي محاولات نصر حامد أبو زيد تطبيق مناهج الهرمنوطيقا الحديثة على النصّ القرآنيّ مبيّنًا مثالب هذه المقاربة وسقطاتها.

نستكمل الملفّ في أربعة أوراق قدّمت في ندوتَين أقيمتا بالتعاون مع كلّيّة اللاهوت للشرق الأدنى في بيروت.

يُعالج محمّد زراقط في أولى الأوراق الفهم الإسلاميّ للوحي، دلالةً واصطلاحًا، متابعًا الوحي في فعاليّاته الحضاريّة والقيميّة. ويقدّم جورج صبرا القراءة المسيحيّة للوحي، بالأحرى الكشف، على ضوء التحدّيات التي فرضتها الحداثة، مبيّنًا النتائج الإيجابيّة لهذا التلاقح الفكريّ على الفهم الراهن للوحي في المسيحيّة.

في الندوة الثانية، طالع حسين إبراهيم النقاشات الكلاميّة حول الكلام الإلهيّ وصلته بمراتب وجود القرآن، مستعرضًا آراء المدارس المختلفة بطريق نقديّ. في حين قدّم جوني عوّاد الفهم المسيحيّ، الكالفينيّ بخاصّة، للكتاب المقدّس، أو الكلمة المكتوبة، وصلتها بالكلمة الحيّ، أي المسيحي.

ويشتمل باب “دراسات وأبحاث” في هذا العدد على ثلاث دراسات. الدراسة الأولى هي تتمّة مقاربة مهدي الحائري اليزدي لنظريّة المعرفة في الإسلام. وهنا، يتابع قراءة المعرفة الحضوريّة مبيّنًا خصائصها في مقابل المعرفة الحصوليّة.

في الدراسة الثانية، يستعرض السيّد محمّد المرندي وزهرة خوارزمي مسيرة حلقة كيان الإيرانيّة التي ضمّت عددًا من أبرز المفكّرين الإيرانيّين بعد الثورة، ويبيّن مآل هذه الحلقة بعد أن تبنّت المقولات اللِبراليّة، وصارت مروّجًا لها في الساحة الفكريّة الإيرانيّة.

أمّا ثالثًا، فنقدّم ترجمةً جديدةً لمقالة جيل دولوز وفِليكس غتاري “ما الفلسفة؟” التي يعرضان فيها فهمهما للفلسفة على أنّها صناعة ابتكار الأفاهيم.

وفي باب “حكماء”، نقرأ سيرة حكيم معاصر، هو العلّامة الطباطبائي، بقلم أحد أبرز تلامذته، عبد الله جوادي آملي.

والحمد لله كما هو أهله

محمود يونس

[1] انظر، الأعداد 21 “عودة المِتافيزيقا”، و22 “المعاد”، و24 “لإيمان”.

[2] انظر، العدد 19 “الزمن”، و23 “الجسد”.

[3] ونحن نتجاوز، في هذا العدد، عن هذه الإشكاليّة إلّا بشكل عابر. فإن لم يكن كافيًا ما كُتب فيها، وهي ثنائيّة تنفعنا في تبيان معالم النقاش، فإنّها، وقد تشيّأت كغيرها من الثنائيّات الصلبة (الذات والموضوع، الجسد والذهن، وما إلى ذلك)، تستوجب نقلةً ذهنيّةً تخرج بنا من أسر الإسقاطات المِتافيزيقيّة، وبالتالي، مقاربةً تنظر في الجذور والفعاليّات.

[4] شكّل عصر “النهايات” ردًّا طبيعيًّا على هذا التطرّف في الإقصائيّة.

[5] انظر، المحجّة، العدد 24.

[6] ليست هذه المقاربة، بطبيعة الحال، حاسمة. بل المعالجات التي انطوى عليها العدد السابق إنّما تحضُر لتُبرز خَتَلها، والمنفسَحَ الرحب خارجها.

[7] الإيمان، بهذه المعنى، متفلّت، لا يمكن حصره في الذات، إذ فعل آمن فعل متعدّ، يقصد إلى خارج، بيد أنّ آليّات تغييب الخارج أفعل في الإيمان منها في الوحي كما سنرى.

[8] إنّ القول بموضوعيّة الوحي يأتي في مقابل القول بذاتيّته، بمعنى عدم وجود حقيقة له خارج الذات، فيكون صنيعة الذات. ونحن نريد خلاف هذا المعنى كما نبيّن في المتن. وعندما نعبّر، في هذا السياق، بـ”موضوع”، فالمراد منه ما هو تحقّق موضوعيّة الوحي، أي حقيقة الوحي الموضوعيّة.

[9] سيكون موضوع العددين 26 و27 هو “الطبيعة البشريّة” حصرًا. ونحن بذلك نختتم سلسلة الموضوعات الأخيرة التي عالجتها المحجّة في الإضاءة على عدد من المباحث التي يتقاطع فيها الفلسفيّ بالدينيّ، ولكن على ضوء المراجعات التي خفّفت من غلواء الحدّة المنهجيّة والهيمنة الفكريّة لعدد من المدارس الفكريّة المعادية للدين، وأحيانًا للفلسفة، في مقاربتها.

[10] هذا يدعونا، بطبيعة الحال، إلى الاستثمار في مقولة المعرفة الحضوريّة التي أسّس لها الحكماء المسلمون، ولم تغب، لم يمكن لها أن تغيب، عن بصائر غير واحد من حكماء الشرق والغرب، محدثيهم وقدمائهم.

[11] انظر،

  1. Heidegger, “Letter on ‘Humanism’,” trans. Frank A. Capuzzi, in M. Heidegger, Pathmarks, ed. W. McNeill (Cambridge: Cambridge University Press, 1998), p. 239.

[12] سورة اقرأ، الآيات 1 إلى 5.

[13] الشيخ زين الدين بن عليّ العاملي، منية المريد في أدب المُفيد والمُستفيد، تحقيق رضا المختاري (بيروت: دار المرتضى للطباعة والنشر والتوزيع، 2008)، الصفحة 95.

[14] السيّد عليّ خان المدني الشيرازي، رياض السالكين في شرح صحيفة سيّد الساجدين عليه السلام، الطبعة 2 (قم: مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة، 1414هـ)، الجزء 1، الصفحة 320.

[15] سورة البقرة، الآية 282.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *