الأسطورة والجسد

شكّلت الاسطورة جزءًا مهمًّا من تراث الإنسانيّة، فهي تتعدّى كونها نصوصًا تحمل في طيّاتها أبعادًا مِتافيزيقيّة وتاريخيّة، لتتحوّل إلى خبرة إنسانيّة، تجلّت بكلماتٍ أرادت أن تخبر من خلالها عن الذات-في-العالم. فالأساطير هي تجربة حياة الشعوب بكلِّ تفاصيلها، تختزن الألم والفرح، الهزيمة والانتصار…، وكلّ ذلك بلغة رمزيّة، تحتاج إلى تأويل يعيد الأشياء إلى أوّلها، فيظهرها كما هي قبل أن تتلبّس الأحداث وتعيشها. لذلك سيحاول هذا البحث أن يقدّم قراءةً للأسطورة من خلال مراجعة نمطين من الأساطير – اليونانيّة والهنديّة – لإظهار كيفيّة تعبيرهما عن الذات، وتشكيلهما للذاكرة الجمعيّة اللاواعيّة. وهذه العودة لن تكون شاملة وكلّيّة، إنّما ستمتاز بتوجّهها إلى عنصر واحد فيها هو الجسد.

Myths constitute an essential component of human heritage; they go beyond being texts encompassing metaphysical and historical dimensions to become human experience; experience put into words that express the self-in-the-world. For the myths embody the lives of peoples in all the intimate details, the joys and sorrows, the triumphs and setbacks, in a symbolic language which requires Ta’wīl (hermeneutics), bringing things back to their beginnings, showing them before they were dressed in events, and lived in events. This paper will try to read the myth through an appraisal of two genres of myths – Greek and Indian – to show how these have expressed the self, while constituting common, sub-conscious memory. The approach cannot be thorough or universal; rather would it be directed towards one single element: the body.

لغة الإلحاد المعاصر: بين شرطية لغة الدين وإعادة برمجة الإنسان

يعمل هذا البحث على طرح إشكالية لغة الإلحاد، من خلال وضعها على مشرحة النقد، فهذه اللغة، التي اصطدمت بالدين في أصل مواضعة اللغة، أدركت أنها تعيش في مأزق مشروعية القول، فسعت لذلك إلى ضرب النسق الذي تقوم عليه اللغة، لتحولها إلى لغة شبيهة بالبرمجة من جهة، وإفراغ اللغة الدينية من محتواها، وإظهارها كلغة هامشية من جهة ثانية، دون التنبّه إلى أن التلاعب بهذا الأمر لا يفضي إلى ولادة لغة بديلة، وإنما يؤسس للإنسان المبتور، أو لنقل إلى ولادة كائن افتراضي يُطلق عليه مجازًا اسم “الإنسان”.

This paper poses the issue of the language of atheism, by critically dissecting it as it has run counter to religion in the very foundation of linguistic convention, and realized that it now rests in the crisis of the legitimacy of its discourse. Thus, it seeks to strike the very paradigm on which language rests, turning it into a programming-like language on the one side, and voiding religious language from its content, making it out to be marginal on the other, unwise to the fact that such manipulation does not create an alternate language, but rather sets the ground for a mutilated man, or a transition to the birth of a pseudo-being figuratively called “man”.

اللغة والكلام والفكر عند العلامة الطباطبائي وعلاقتها بفهم القرآن الكريم

أثارت أعمال العلّامة الطباطبائي الفكرية كثيرًا من القضايا التي تحاكي العصر والتي من شأن تفعيلها والحديث عنها الإجابةُ على كثير من الأسئلة، ومن بينها اللغة وماهيتها ودورها في فهم النص الدينيّ، ولذلك فقد كان من الجدير العمل على أخذ هذه القضية ولحاظ نظرة العلّامة للغة وطبيعتها ومنشئها، ثم الميل معه للحديث عن اللسان والقول والكلام والفرق بينهما، حتى إذا استُكمل الحديث عن هذه العناصر، تم التوجه إلى دراسة العلاقة بين الكلام والفكر، لنحط الزاد في نهاية الأمر عند محطة تطبيقية ضرورية تبحث الروابط بين القرآن الكريم واللغة والفكر. ويقع ذلك كله في سبيل لفت النظر إلى أهمية الموضوع وانعكاساته الهامة على كثير من القضايا.

The intellectual works of al-ʿAllāmahaṭ-Ṭabāṭabāʾī have provoked many a question that speak to the modern world and trace answers for many questions that include questions on language per se and the role it plays in understanding the scripture. That is why, it is deemed crucial to reflect on al-ʿAllāmah’s view on the very question of language and the thereof nature and origin, to, then, expound upon his view on the relation between speech and intellect, reaching to an applied, crucial stance on the relation between the Qurʾān, language, and intellect. We, thus, aim at shedding light on the importance of this subject and the profound implications thereof on many issues.

الدلالات الشعيريّة والطقوسيّة في فهم الألم في الأساطير القديمة

للطقس حضور في هذا العالم، إذ يمثّل جزءًا من الإنسان. يتغيّر الطقس ويتبدّل بتغيّر السياقات الثقافيّة التأسيسيّة، كما ينسج جزءًا من هويّة الإنسان، تُلازِمه. وتروم الممارسة الطقوسيّة بما هي فعل تواصليّ إلى إيجاد تجربة جماعيّة واحدة للجماعة، تعبيرًا عن أفكار ماثلة في مخيالها الجمعيّ. وعليه، يكون الطقس دلالةً على الكامن. ولئن كان الطقس الشعيريّ أشبه ما يكون بالكتابيّ، تشكّل الأسطورة الجانب الآخر الشفاهيّ. وهما يتضايفان معًا كيما يشكّلا لحظة الحدث، ليتحوّلا، إذ ذاك، إلى وحدة متكاملة. وعن الطقوس المرتبطة بالألم تبتسر أواصر تحيي انتماء الفرد إلى الجماعة.

عبد الرحمن بدوي والاتّجاه الوجوديّ

تعتبر الوجوديّة مدرسةً فكريّةً هامّةً شغلت الساحة الثقافيّة والفكريّة لفترة زمنيّة، وكان لها ممثّلوها ومنظّروها ومجلّاتها. إذ حاولت أن تقدّم نفسها بديلًا فكريًّا ملائمًا للمجتمعات العربيّة الإسلاميّة. سيقدّم هذا البحث قراءةً نقديّةً لهذا المشروع عبر أبرز ممثّليه، وهو عبد الرحمن بدوي. لم يكن هذا الاختيار، في الواقع، عبثيًّا، إنّما انطلق من خصوصيّة هذه الشخصيّة التي عملت على تسويغ المشروع في إطار إسلاميّ عبر إيجاد أصول فكريّة إسلاميّة له، تقدّم الدعامة المرجعيّة والتراثيّة له، ما جعله مقبولًا خارج الحاضنة التي ولد فيها. هذا فضلًا عن تقديمها الكثير من الأفكار التي ميّزته عن الوجوديّة الغربيّة، ما جعله فيلسوفًا له مساحة من التمايز والخصوصيّة يستطيع هذا البحث أن يبني عليها، ليتكلّم عن مشروع فكريّ له خصائصه، ورؤيته، ومواقفه المتميّزة.

الطبيعة الإنسانيّة في الهندوسيّة

تمثّل الروح (أتمان) جوهر الطبيعة الإنسانيّة المماثلة للروح المطلق (برهمن). لذلك، فهي بسيطة غير مركبة؛ لا يمكن إدراكها عن طريق الأعضاء الحسيّة أو التحليل العقليّ. إنّما يتمّ ذلك عن طريق إدراك العارف لها عبر التجربة الدينيّة التي تسمح بالوصول إلى ذلك المكوّن الفطريّ في كلّ إنسان. ولأنّها على هذه الشاكلة، تتّخذ الروح من القلب الإنسانيّ مستقرًا لها، وتعمل على تنشيط العوامل التي تساعدها للخلاص من أجل أن تتماثل مع اصلها والاتّحاد به. فعندما يهتمّ الإنسان بنقاء فطرته فإنّه يتوحد بالبراهمن، ويصير مطمئنّ البال والنفس. لا يعني ذلك نفي العالم، أو الخروج منه، إنّما يعني ضرورة نظم العالم عبر مجموعة من الأعمال الصالحة والأخلاقيّة التي لا ترتبط بمصلحة أو منفعة خاصة، إنّما تقوم على عنصر الانسجام الذي يتيح الوصول إلى الأصل المحض بخيريّته.

The soul (Atman) constitutes the very essence of human nature and is analogous to the supreme soul of Brahman. As such, it is simple and cannot be grasped by the sensory organs or through mental analysis. Religious experience, alone, allows for arriving at that primordial constituent in every human being. Thus constituted, the soul dwells in the human heart, attempting to revitalize the elements that lead to redemption through resemblance of its origin, and unity with it. When man is heedful of the purity of his primordial nature, he unites with Brahman, and arrives at the state of peace of mind and soul. This does not suggest renouncing the world, or somehow fleeing from it altogether, but rather stands for organizing the world through a set of conciliatory and ethical actions, far removed from any personal advantage or profit, but based on an element of harmony that enables man to reach his very pure origin.

الرؤية والمنهج عند جمال الدين الأفغاني

قُرِأ جمال الدين الأفغاني من قبل العديد من الدراسات، فتمّ التركيز على جوانب من حياته، أُثيرت من خلالها الكثير من الظلال على هذه الشخصية، حيث كان الجانب السياسيّ والمذهبيّ والإثنيّ هو الأَصل وما تبقى عبارة عن فروع، وفي هذا الأمر تحاملٌ كبيرٌ عليه، فهذا المفكّر، وإن اشنغل بالسياسة إلّا أنّه كان ينظر إلى هذا الجانب انطلاقًا من رؤية عميقة للاجتماع الإنساني وكيفيّة تأسيسه والنهوض به انطلاقًا من رؤية كلّية، فالسياسة وحتى في أكثر جوانبها الجهادية، لم تكن إلّا انعكاسًا لرؤيته الفلسفيّة، بالتالي الاشتغالات على جانب واحد من الموضوع يؤدّي إلى تفويت الفرصة للتعرّف عليه بحقيقته، وما كان يسعى لتحقيقه، وهذا البحث، سيحاول أن يبيّن ما أغفلت عنه الدراسات السابقة، ليذهب نحو العميق في فكره.

جمال الدين الأفغاني،الأمّة،الإصلاح، الحكم، الدين،العقل،الوحي

صورة الإيمان في مرآة الإناسة

لا تتخلّف الإناسة عن سياق العلوم التي نشأت مع المشروع الحداثيّ التنويريّ، والتي أسّست على حضور الإنسان في العالم قوانين ثابتةً ومعياريّةً نبذت كلّ مرجعيّة وحيانيّة. وهكذا نرى تحوّل الدين، مع غيرتز، من كونه إطارًا مرجعيًّا مكوّنًا للثقافة ومشكِّلًا للمعنى، إلى منظومة ثقافيّة، ونسق رمزيّ خاضع لسلطة المفسّر التأويليّة بحيث يكيّفه مع الحداثة. ولئن دعا غلنر إلى بقاء الدين، فباعتباره أمرًا إجرائيًّا يسبغ عليه الكائن الحيّ المعنى ولا يستقيه منه، فيفقد أثره التعلّقيّ بالواقع من حيث هو منظومة إيمانيّة اعتقاديّة. من ناحية أخرى، تأتي المقاربة النقديّة لطلال أسد لتنبذ التعريفات التعميميّة للدين على أساس محوريّة التقليد، والعودة إلى القواعد الصراطيّة بحثًا عن المعياريّة. لا يقتصر الإيمان بحسب هذه المقاربة الأخيرة على عمل طقسيّ عاكس للثقافة، بل ثمّة قواعد إيمانيّة ثابتة في النصّ المرجعيّ تنتج فيه المعنى وتحدّد أصول التعاطي معه.

Enlightenment/modernity has produced a group of sciences aimed at understanding man, the sciences themselves being established on the very basis of man’s presence in this world. A resulting normativity, articulated in stringent laws, dismissed any resort to a revelatory authority as unscientific or, at times, irrational. Anthropology falls into this context very fittingly.

In anthropology’s handling of religion, one can see the transformation of religion – with Geertz – from being a reference frame constitutive of meaning, and founding of culture, into a cultural construct, a symbolic system subordinate to the hermeneutic authority of the interpreter whose task it is to conform it to modernity. Or, as with Gellner, religion can be justified inasmuch as it is a logistic apparatus given meaning by the living being, but incapable of producing meaning on its own. It loses, as such, its relation to reality as a belief-faith construct. Critical approaches, on the other hand, as with Asad, reject the generalizing definitions of religion. Tradition, here, regains its centrality, and orthodoxy becomes, again, the source of normativity. Faith, by such a reading, is not restricted to rituals expressive of culture, rather are there rules of faith, traced back to the establishing scripture, wherein meaning is produced and norms defined.

النموذج المعرفي وإنتاج العلوم

يختلف النموذج المعرفي عن النظام المعرفي، فهو حاكمٌ على النظام، يقوم بإرشاده ليتوافق معه. وهو يبقى ثابتًا في حين أنّ النظام يتطوّر بتطوّر العلوم والمناهج. وإذا انفصلا عن بعضهما، تتحوّل العلوم إلى غايات قائمة بذاتها، ممّا يفقد النموذج فعّاليّته.

والبحث عن هذا العنصر وتحديده يشكّل نقطة انطلاق هامّة في فهم ومآلات الفكر ومستقبل الثقافات الإنسانيّة، لأنّها لا تتعدّى كونها تعميمات، لتتحوّل إلى هويّة شاملة.

التدين الشعبي مقدمة نظرية

يحاول الكاتب إيجاد الفرق بين الدين والتديّن الشعبي من المنظور الديني والاجتماعي، مضافًا إلى التداخل والعلائقيّة مع الدين كؤسّسة. ووقف عند توجّهات ثلاثة، هي: الدين الشعبي مكمّل للدين، أو هو تعديل للدين الرسمي، أو هو حضور للثقافة الشعبيّة في الدين.

وخلُص الكاتب إلى أنّ التديّن الشعبيّ فعل وسلوك اجتماعي يرتبط بعلاقة عضويّة بالدين، وعلى الباحث أن يميّز بينه وبين الممارسات الدينيّة الأصليّة. كما يرتبط بنمط سلوكيّ محدد، ويتمثل في عدد من الشعائر والمعتقدات الشعبيّة السائدة في مجتمع معين، ويتعلق بالعلاقة بين الدين والفئات الشعبيّة، وبمقولات ثلاث هي: الزمان والمكان والسببيّة.

The author attempts to distinguish between popular religion and religiosity from a religious and social perspective. He tackles their relationship and intertwinement with religion qua institution, highlighting three approaches; that popular religion is complementary to religion, a modified version of it, or a reflection of popular culture in religion.

Majed concludes that popular religiosity is a social activity and attitude that possesses an organic relationship with religion. Accordingly, it falls on the scholar to differentiate between popular religion and authentic religious practices. Moreover, this type of religion interrelates with a specific behavioral pattern and consists of several rituals and beliefs that prevail throughout its nurturing environment. It is related to the connection between religion, popular classes, and three elements: time, place, and causality.