العدد 28

تحميل العدد: العدد 28: الصدرانية والحكمة المتعالية

فهرس المحتويات:
الافتتاحية    مجلّة المحجّة
الصدرانية والحكمة المتعالية 
ما هي الحكمة المتعالية؟    حسين نصر
الحكمة عند الملّا صدرا    روبيرتس آيفنز
دراسة المنهج النقديّ للفيض الكاشاني لمسألة القيامة في النظام الفلسفيّ الصدرائيّ     رضا أكبريان
دراسات وأبحاث:
الطبيعة البشريّة: العدالة في مقابل القوّةّ   فونس إلدرز
نحو فلسفة القيم الحضاريّة مساهمة إسلاميّة    الشيخ شفيق جرادي
نظرة في الخصائص المنهجيّة لمدرسة صدر المتألّهين    عليّ شيرواني
“مجتمع مدنيّ”: تاريخ كلمة   فرانسوا رانجون
ضعف الترويج للعرفان الشيعيّ عامل هامّ في انتشار العرفان الكاذب   محمد فناني الأشكوري
عبد الرحمن بدوي والاتّجاه الوجوديّ    أحمد ماجد

إفتتاحية العدد 28

الإفتتاحية 28

لئن افتتحت مجلّة المحجّة عددها ما قبل الأوّل [العدد صفر] بعرض مدرسة الحكيم المتألّه صدر الدين محمّد بن إبراهيم الشيرزاي بعنوان “فلسفة الملّا صدرا”، فها هي الآن، وبعد مرور سنوات وأعداد عدّة، تعاود البسط للفكر الفلسفيّ الصدرائيّ إيّاه لما لهذا الفكر من أهمّيّة بالغة في دنيا الاشتغال الفلسفيّ الإسلاميّ والعالميّ، سواء بسواء. ولكن هذه المرّة نقدّم، أكثر ما نقدّم، قراءةً لأهمّ المباني والمرتكزات الفلسفيّة التي شكّلت ملاك الفكر الصدرائيّ، ساعين إلى بيان اللبنة الأولى التي شكّلت مرتكزًا لمدرسة الحكمة المتعالية والفكر الصدرائيّ.

يلج السيّد حسين نصر إلى مبحث الحكمة المتعالية بعرض غير مسهب عن تاريخ إدراج هذا اللفظ حتّى قبل الملّا صدرا الشيرازي، الذي هو نفسه قد استفاض في عرضه وبسطه في ما بعد، بزمن. ومن ثمّ ينتقل إلى عرض مرتكزات هذه المدرسة في فيء الفكر الصدرائيّ، ليخلص إلى أنّ الحكمة المتعالية ما هي إلّا أفنون نبت في شجرة الفكر الإسلاميّ ليتمكّن المسلمون، إذ ذاك، من النفاذ إلى رؤية جديدة محدثة للحقائق الخالدة. ومع روبرتس آيفنز نتمكّن، كذلك، من قمش المباني الأساس التي بنى عليها الملّا صدر الدين فلسفته الحكميّة، إذ قدّم آيفنز عرضًا مسهبًا لأهمّ هذه المباني والمرتكزات الفلسفيّة.

أمّا مع عليّ شيرواني، فنغوص في الخصائص المنهجيّة لفلسفة صدر المتألّهين مقارنةً بالفلسفة المشّائيّة والإشراقيّة، كليهما. لنخلص، من ثمّ، إلى أنّ مدرسة الحكمة المتعالية، بما هي هي، مدرسة فلسفيّة مستقلّة بالمعنى الخاصّ للفلسفة. نجحت في الاستفادة من المدارس السابقة عليها، فجمعت بين العرفان، والإشراق، والشهود، والبرهان، جمعًا سالمًا لا جمع تكسير، على حدّ تعبير شيرواني. وبعدها بسط كلّ من رضا أكبريان ونجمه سادات رادفر لمسألة القيامة في الفكر الصدرائيّ من منظور ألمع تلامذة صدرا ألا وهو محسن الفيض الكاشاني.

ويشتمل باب “دراسات وأبحاث” في هذا العدد على دراسات خمس. البحث الأوّل هو تتمّة النقاش الذي دار بين نوام تشومسكي وميشال فوكو حول مفهوم الطبيعة البشريّة، والذي يتنقّل بسلاسة بين اللغة والعلوم والسياسة، هذه المرّة، بفعل الحضور الموسوعيّ لكلّ منهما. وفي الدراسة الثانية يستعرض شفيق جرادي القيم الحضاريّة التراكميّة بما هي ملاك لفهم الحضارات، ليتمّ، بالتالي، النفاذ إلى قراءات إسلاميّة لموضوعة القيم والحداثة والحضارة. ومن ثمّ، مع فرانسوا رانجون، نقدّم ترجمةً لمقال له، بسط فيه للفظ “مجتمع مدنيّ”، عائدًا به إلى جذوره التاريخيّة وتحوّلاته المختلفة التي أدّت إلى اختلاف معناه اختلافًا جذريًّا بفعل مرور الزمن وبفضل التغيّرات الاجتماعيّة. وفي الدراسة الرابعة نقرأ حوارًا سلسًا مع محمّد فنائي الأشكوري يعرض فيه لموضوعة العرفان الشيعيّ بما هو بعد شرّانيّ للدين، ويتحدّث فيه، من ثمّ، عن أهمّيّة الترويج لهذا العرفان إيّاه قبالة العرفان الكاذب، في عيون الأشكوري، الذي يرقى كلّ رواج في بعض أنحاء هذه البسيطة. وننهي هذا العدد مع دراسة لأحمد ماجد، اختطّ فيها فكر الراحل المصريّ عبد الرحمن بدوي، منطلقًا من فلسفته الوجوديّة التي انكبّ على العمل عليها لعرضها خارج الحاضنة الأولى التي ولدت فيها.

ضعف الترويج للعرفان الشيعيّ عامل هامّ في انتشار العرفان الكاذب

ترجمة عليّ الحاج حسن

يبسط الدكتور محمّد فنائي الأشكوري، وهو أستاذ في الفلسفة في مؤسّسة الإمام الخميني، قدّس سرّه، الحديث في هذا الحوار عن العرفان ببعده الشرّانيّ الداخليّ، وبما هو معرفة باطنيّة، وميل باطنيّ، ونزوع نحو معرفة الله. ميل لا يختصّ بثقافة محدّدة، بل مشترك بين البشر، كلّ البشر، فهو مبنيّ على فطرة معرفة الله، وكذا هو الجزء الطوليّ لا العرضيّ للدين. وبالتالي فإنّ المعرفة والميل مبنيا العرفان. والمعرفة العرفانيّة معرفة شهوديّة من حيث هي ملاقاة مباشرة مع الله ومظاهره. والقلب مهماز العرفان، هو هو الذي يصيّر عباداتنا عبادات عرفانيّة. ومن ثمّ يخلص الأشكوري إلى أنّه يجب أن لا نطلق اسم العرفان على المدارس المعاصرة التي تحمل اسم العرفان، إذ لا حديث فيها عن الشهود، ولا عن التجربة الباطنيّة، ولا عن السير والسلوك، بل هي تشبه العرفان في الظاهر، وهذا هو عين العرفان الكاذب الذي يدور رحاه في الغالب حول الأمور الدنيويّة.

“مجتمع مدنيّ”: تاريخ كلمة

ترجمة عليّ يوسف

لم يعرف مفهوم المجتمع المدنيّ ثباتًا في معناه. فقد تبدّل وتحوّل، على الدوام، على مرّ التاريخ. إذ دلّ، بدايةً، على الدولة، ومن ثمّ بات يقصد به المجتمع الخاصّ بما هو مجال يلاحق فيه أفراد المجتمع مصالحهم المشتركة، ليدلّ، بعدها، على تكتّل أو كيان ما بعيدًا من الدولة. حتّى أنّ البعض عرّف المجتمع المدنيّ بما هو مقابل للدولة – لا يتضايف معها على الإطلاق. فالدولة هي التي تشكّل آلة إكراه، فتبيت، إذ ذاك، جسمًا سياسيًّا بما هو سلبيّ، بعكس المجتمع المدنيّ الذي يشكّل لحمةً، يجمع في ثناياه الفرد، بما هو مواطن، ليحقّق رفاهه وأمنه، بمعزل عن القمع والإكراه.

عبد الرحمن بدوي والاتّجاه الوجوديّ

تعتبر الوجوديّة مدرسةً فكريّةً هامّةً شغلت الساحة الثقافيّة والفكريّة لفترة زمنيّة، وكان لها ممثّلوها ومنظّروها ومجلّاتها. إذ حاولت أن تقدّم نفسها بديلًا فكريًّا ملائمًا للمجتمعات العربيّة الإسلاميّة. سيقدّم هذا البحث قراءةً نقديّةً لهذا المشروع عبر أبرز ممثّليه، وهو عبد الرحمن بدوي. لم يكن هذا الاختيار، في الواقع، عبثيًّا، إنّما انطلق من خصوصيّة هذه الشخصيّة التي عملت على تسويغ المشروع في إطار إسلاميّ عبر إيجاد أصول فكريّة إسلاميّة له، تقدّم الدعامة المرجعيّة والتراثيّة له، ما جعله مقبولًا خارج الحاضنة التي ولد فيها. هذا فضلًا عن تقديمها الكثير من الأفكار التي ميّزته عن الوجوديّة الغربيّة، ما جعله فيلسوفًا له مساحة من التمايز والخصوصيّة يستطيع هذا البحث أن يبني عليها، ليتكلّم عن مشروع فكريّ له خصائصه، ورؤيته، ومواقفه المتميّزة.

نحو فلسفة القيم الحضاريّة مساهمة إسلاميّة

لقد تجاوز العقل الإصطلاحيّ، كما التحليليّ، في تحديده لمعنى الحضارة الفروقات البشريّة بين الأجناس، والأعراق، والألوان. حتّى أثمر ذلك تجاوزًا لأصناف الحضارات المعتمدة قديمًا، وأخذ يفرّق بين الحضارة والحضارات. فالأصل في البناء الحضاريّ هو تراكم الجهد البشريّ والمعرفة البشريّة في سياق تاريخيّ منتظم، يضفي على هذا الجهد هويّةً خاصّةً نابعةً من القصديّة الإراديّة أو القصديّة الطبعيّة عند أمّة واحدة. وهذا ما يسمّى بالقيم التراكميّة التي تشتغل بمفاعيل التاريخ والزمن. وبالتالي، يصبح التاريخ ملاكًا لفهم الحضارة. أمّا العقل الغربيّ فقد ميّز بين الحضارات وبين الحضارة بلحاظ المعايير التي وضعتها الحضارة الغربيّة. فظهرت ملاكات وقيم محدّدة لما هو حضاريّ، ممّا ليس بحضاريّ. فهل للحضارة مقاييس؟ وهل ثَمَّ معايير تحكم على إنسان أو جماعة بالتحضّر؟ وما هي الغايات الحضاريّة الكبرى؟

الطبيعة البشريّة: العدالة في مقابل القوّة

نقاش بين نوام تشومسكي وميشال فوكو

أدار النقاش فونس إلدرز

ترجمة عليّ يوسف ومحمّد عليّ جرادي

لئن شكّلت اللغة، أو الخطاب، نقطة الانطلاق في النقاش حول الطبيعة البشريّة بين تشومسكي وفوكو، فإنّ بؤرة النقاش كانت التداعيات السياسيّة للتصوّرات المختلفة حول هذه الطبيعة. إذ يعتبر تشومسكي أنّه يجب على كلّ مجتمع أن ينهض بنزعة الخلّاقيّة المتجذّرة في الطبيعة البشريّة بالتغلّب على عناصر السيطرة والاستبداد السياسيّ، وبالتالي تنظيم تشكيلات حرّة للأفراد ترعى خاصيّة الخلّاقيّة تلك، فيما يرى فوكو أنّ المهمّة السياسيّة الأولى تكمن في نقد المؤسّسات الاقتصاديّة التي تبدو حياديّةً، ليتمّ، إذ ذاك، القضاء على سلطة الطبقة الحاكمة المسيطرة بفعل هذه المؤسّسات

نظرة في الخصائص المنهجيّة لمدرسة صدر المتألّهين

ترجمة: محمّد حسن زراقط

مذ وُجدت مدرسة الحكمة المتعالية على يد صدر المتألّهين الشيرازي حظيت بعدد من المنتقدين الذين يأخذون عليها، بحسب زعمهم، أنّها مدرسة تلفيقيّة، تستورد التعاليم والمواقف المرتبطة من سائر المدارس من دون تحفّظ على منهجها الفلسفيّ، وذلك من ساحات معرفيّة عدّة كالفلسفة المشّائيّة، والإشراقيّة، والعرفان، وعلم الكلام، والنصوص الدينيّة، ثمّ تجمعها في بناء غير منسجم. تحاول هذه المقالة، من خلال الاستناد إلى كلمات ملّا صدرا نفسه، وبمنهجيّة تجمع بين الوصف والتحليل، اكتشاف الخصائص المنهجيّة الفريدة لمدرسة الحكمة المتعالية، بهدف بيان أهمّ وجه من وجوه الامتياز بين هذه المدرسة وسائر المدارس التي تشاركها الاهتمام، والسؤال، والجواب. ثمّ تهدف هذه الدراسة إلى إثبات أنّ هذه المدرسة، وعلى الرغم من استفادتها من إنجازات سائر المدارس والمشارب الفكريّة التي عرفتها الحضارة الإسلاميّة في تاريخ دراستها وبحثها عن الوجود، فهي مدرسة فلسفيّة بكلّ ما لكلمة فلسفة من معنًى.

ومن المسائل التي سوف نتعرّض لها بالدرس في هذه المقالة: (1) نقد مدرسة الحكمة المتعالية منهج العرفان النظريّ، و(2) التمايز بين مدرستي الإشراق والحكمة المتعالية، و(3) منزلة الشهود والتعاليم الدينيّة في الحكمة المتعالية، و(4) المقارنة بين المنهج النقليّ والعقليّ والشهوديّ في مقام اكتساب المعرفة بالوجود، و(5) شرح مصطلحات “العقل المنوّر” و”البرهان الكشفيّ” في الحكمة المتعالية، و(6) تبلور العبرمناهجيّة في مدرسة الحكمة المتعالية.

دراسة المنهج النقديّ للفيض الكاشاني لمسألة القيامة في النظام الفلسفيّ الصدرائيّ

رضا أكبريان ونجمه سادات رادفر

ترجمة حسن طاهر

تعرّضت مسألة القيامة ومفهومها الفلسفيّ المتطابق مع مراتب الوجود في النظام الفكريّ لمدرسة صدر الدين الشيرازي إلى النقد والتمحيص في المنظومة الفكريّة لتلميذه الأبرز الفيض الكاشاني. إذ آل تغيّر رؤية الفيض الكاشاني لمسألة العقل إلى تقديم عرض أكثر اعتدالًا في ما يخصّ علاقة الشرع بالعقل، وأدّى هذا التغيّر، بدوره، إلى تبدّل في نظرته لمسألة القيامة في مراحل حياته المختلفة. ومن خلال دراسة أعماله التي خلّفها في شبابه، وتلك التي ألّفها في فترات لاحقة، يتّضح التحّول الجوهريّ في اتّجاهاته الفكريّة في ما يخصّ مسألة القيامة ومراتبها، وتباين المناهج التي اتّبعها في تفسيرها، بحيث تبدأ من نظرته إلى القيامة بحسب مراتب وجود الإنسان وتنتهي بالرؤية القائمة على الزمن التاريخيّ.

ما هي الحكمة المتعالية؟

ترجمة فاطمة محمّد زراقط

لم يكن الملّا صدرا أوّل من أوجد لفظ “الحكمة المتعالية”، لكنّه هو الذي هذّبه وشذّبه ليسبغ عليه مداليله وأفاهيمه الصدرائيّة، لتضحى الحكمة المتعالية، إذ ذاك، مرتبطةً باسم الملّا صدرا نفسه. تحاول هذه المقالة أن تعرّج على المباني الأساس التي ابتنت عليها مدرسة الحكمة المتعالية، مقدّمةً إيّاها بقالب يقارن بينها وبين المدارس الفلسفيّة السابقة عليها، لا سيّما مدرسة الإشراق ومدرسة المشّاء، مقارنة ستتيح لنا، تاليًا، النفاذ إلى أركان هذه المدرسة من مسبار المدارس التي سبقتها.