تحليل رؤية هنري كُربن في تأويل الرمز ودور الخيال الفعّال في فهم النصوص الحكميّة الإسلاميّة

تهدف هذه المقال إلى بيان رؤية كُربن في ما يرتبط بالرمز والترميز في النصوص الحكمية الإيرانيّة – الإسلاميّة، بنحو منسجم ومتكامل، مستفيدة من المنهج التوصيفي – التحليلي. كما يعتقد كُربن أنّ النص يرجع إلى حقيقته، عندما ترجع النفس في سيرها الصعودي إلى حقيقتها التي هي الانتقال عن مستوى الرموز والمجازات. والحاصل أنّه، بناءً على الفهم الرمزي للنصوص الحكميّة، لا يقتصر التأويل على إدراك المعنى الكامن في المستوى الأفقي للنصّ، بل إنّ صعود المؤوِّل إلى مستوى وجودي جديد، وتلقّيه معارف من نوع هذه المرتبة الوجوديّة الجديدة، يصطلح عليه كُربن بـ”تأويل النفس”.

الرمز في النصّ الصوفيّ والعرفانيّ

حمل الرمز في أدبيات العرفاء والمتصوّفة مهمّة شاقّة في نقل النصّ إلى قوالب دلاليّة، تتجاوز الحواس، لتعبرَ خارج التصوّرات التي تطال الألفاظ مساحة منها، وتقدِّمَ حقيقة المدلول المرغوب الذي أراده مختلفًا وخفيًّا عن نصوص أخرى.

قسّم الكاتب بحثه إلى ثلاثة أقسام: عرّف في القسم الأوّل الرمز الصوفي والعرفاني في نسقه الدلالي، وعرض في الثاني تمثّلات الصوفية للرمز في النصّ الصوفي والعرفاني، ومنها: التمثّل الأسطوري، والقرآني، وتمثّل الحروف، والأعداد، والعبادة، والصور، والأنثى، والخمرة. وأمّا في القسم الثالث فقد تحدّث عن مسوّغات لوذ العارفين بالرمز في تكوين نصوصهم، ومنها: صون التجارب، واتّقاء الفقهاء، والالتزام بالأمر الإلهي.

الرّمز في الشّعر المعاصر

عالج الكاتب نصوصًا لثلاثة شعراء، هم: محمود درويش، ومحمّد علي شمس الدين، وكمال خير بك، أوضح من خلالها كيف تستطيع الرموز بما تحمل من محمولات دلاليّة أن تسهم في إنتاج دلالات جديدة، لم تكن متوافرة فيها من قبل؟ وكيف تستطيع هذه الرموز أن تشكّل مصدرًا معرفيًّا ثقافيًّا لرؤية الشاعر الشعريّة والمرحلة التي يعايشها، ليترك بذلك بصمة فريدة في نصّه لا تشبهها أيّ بصمة أخرى؟

كما أوضح أنّ النصّ الشعريّ ما هو إلّا نتاج قلق معرفي لدى الشاعر، وأنّ النظام السيميائي العلامي يبقى في حالة تجدّد دائم عبر الأجيال. لذا، فدراسة الرمز عند جيل من الشعراء كفيلة بإبراز الهمّ الجمعيّ للمجتمعات، بما يكشف عن ثقافة ذلك المجتمع وكيفيّة إغنائه وتطويره.

أهميّة تحديد السياق في الكشف عن الرمز الديني

إنّ الرمز – كلفظ لغوي – يستخدم في إطار أدبي بلاغي، وأصله الصوت الخفي الذي لا يكاد يُفهم. وهو يستخدم تارة لإخفاء الدال، وإلباسه قالبًا من السريّة والغموض، وتارة لإضفاء قدسيّة على المدلول. وقد صوّر الله تعالى لنا بعض مواقف يوم القيامة، كالصراط والميزان والجنّة – بما هي مكانٌ لخلود المؤمنين خاصّة – بأوصاف عديدة، منها: أنهار من لبن وعسل، ومساكن طيّبة، وغيرها، وفصّل في بعض ما يناله المقرّبون في الدار الآخرة. ولاحقًا، أصبحت هذه الأوصاف رموزًا للنعيم الذي يناله هؤلاء، وحافزًا للآخرين إلى عمل الخير الذي يوصلهم إلى هذه الدرجات. فالرمز، لكي يؤدي الدور الذي سيق لأجله، على المتتبّع أن يدرسه ضمن سياقاته الخاصّة، من ظروف القائل والمتلقّي الثقافيّة والبيئيّة وغير ذلك.

وقد صوّر الله تعالى لنا بعض مواقف يوم القيامة، كالصراط والميزان والجنّة – بما هي مكانٌ لخلود المؤمنين خاصّة – بأوصاف عديدة، منها: أنهار من لبن وعسل، ومساكن طيّبة، وغيرها، وفصّل في بعض ما يناله المقرّبون في الدار الآخرة. ولاحقًا، أصبحت هذه الأوصاف رموزًا للنعيم الذي يناله هؤلاء، وحافزًا للآخرين إلى عمل الخير الذي يوصلهم إلى هذه الدرجات. فالرمز، لكي يؤدي الدور الذي سيق لأجله، على المتتبّع أن يدرسه ضمن سياقاته الخاصّة، من ظروف القائل والمتلقّي الثقافيّة والبيئيّة وغير ذلك.

بعض المشكلات الماورائيّة في الأشكال الرمزيّة عند كاسيرر

ترجمة: أريج بشارة

حاول الكاتب في مقاله بيان رؤية إرنست كاسيرر بخصوص بعض المشكلات الماورائيّة في تفسير الأشكال الرمزيّة، مستعرضًا آراء كانط وهيغل اللَّذين ناقشهما من وجهة نظر كاسيرر، فعرض ما توصّلا إليه من فلسفة التفكير والأشكال، فضلًا عمّا وافقهما عليه كاسيرر، وما خالفهما فيه، من خلال النماذج التي استعرضها الكاتب، مثل: الأسطورة، والفنّ، واللغة، والدين. فالإنسانيّة – من وجهة نظر كاسيرر – هي قدرة الإنسان اللامتناهية على الترميز. كما أنّ مهمّة الفلسفة – في رأيه – استعراض وظيفة الرمز، والتي بدورها تشكّل مسارًا للتقدّم، ومنهجًا لاكتشاف الأشياء وفهمها.

أنوثة الماء: الرمز والبحث عن الأصالة نصّ النبع لسديف حمادة نموذجًا

يحمل نصّ النبع للشاعر والروائيّ سديف حمادة كثيرًا من الإيحاءات والرموز والدلالات السيميائيّة الكاشفة عن رحم نصٍّ أدبيّ يتجاوز حدود الزمان والمكان، يخلق من الماء سرًّا وجوديًّا للحياة والاستمرار والتعلّق الذي يتمثّل بالأنوثة التي هي سرّ العطاء، من القدرة على الإنجاب، إلى المرأة التي تسكّن الجراح، وتشفيها، ثمّ ترسم بفكرها أُطر التمسّك بالحقّ وبالأرض وبالكينونة.

قدّمت هذه الورقة البحثيّة مسحة تأويليّة لرمزيّة الماء وفق الإجراءات الأسلوبيّة والسيمائية، من خلال رصد بعض التكرارات الأسلوبيّة وسياقاتها النصّيّة، والعمل على رصد المعنى الخفيّ المرتبط بالإحالة المرجعيّة الثابتة خارج النصّ، والثاوية في طيّات المعاني، مستثمرة المرجعيّة الثقافيّة والدينيّة للشاعر، وتوافقها مع السياق الأسلوبيّ للنصّ.

رمزيتا الماء والنار في الأساطير والأديان

تبوّأت المياه والنار منزلة مهمّة في حياة الشعوب البائدة، والحضارات القديمة. فالمياه هي مصدر الحياة؛ لذلك قدّسها الإنسان. فالفكر الإغريقي يرى أنّ الماء أصل الكون؛ لذلك حظي بآيات تبجيل دينيّة، واعتقد المصريّون أنّ الإله رع أوّل من خرج من المياه الأولى. وأمّا السومريّون فإنّ البداية المائيّة عندهم موجودة في فكرة الإينوماإليش. باختصار، لقد اعتقد الإنسان الأوّل في قدسيّة المياه، واعتبرها إلهًا، آمن بقوّته وقدرته وسخائه وبطشه، فعلّق المرء استيهاماته على هذا العنصر الطبيعي، وعدّه ملاذه الآمن، فجعله رمزًا دالًّا على الخلق، واستمرار الحياة، أو الطهارة، الجسديّة منها والروحيّة، ورمزًا دالًّا أيضًا على الثواب والعقاب. وهي دلالات حملها الإنسان للماء، مثلما تبرزها الأساطير أو النصوص الدينيّة المقدّسة. كما قدّس الإنسان الدينيّ أيضًا النار كالماء تمامًا، فاعتقد فيها وعدّها رمزًا للحضور الإلهيّ بين البشر، ورمزًا للبعث المتجدّد.

الرمزيّة مبدأً لاهوتيًّا

يتناول الكاتب في هذا المقال الرمزيّة، بوصفها مبدأً لاهوتيًّا في فلسفة الدين، متحدّثًا عن الصور الشعريّة في لغة الدين عمومًا. لكنّ اللغة الشعريّة واللغة الدينيّة تختلفان اختلافًا جذريًّا في نهاية المطاف، وذلك لأنّ لغة الدين تتناول الشيء في ذاته (noumenal)، ولغة الشعر تتناول الظواهريّ (phenomenal). وينحو التوجّه المعاصر إلى القول إنّ الدين ما دام متماهيًا مع الشعر، فهو متماه مع الأسطورة: صحيح أن علاقةً تربط الدين والأسطورة، لكنّها ليست علاقة ارتباط ذاتيّ، لا سيّما أنّ القدح بالأسطورة، على أنّها نوع من الكذب، يجعل من استخدام هذا المصطلح أمرًا خطيرًا. من ناحية أخرى، يجمع علماء اللاهوت والفلاسفة الممحّصون على أنّ الدين الوضعيّ لا وجود له من دون عناصر أسطوريّة بالمعنى الفلسفيّ لكلمة أسطورة، التي تكتسب، في الوعي الدينيّ، معنًى جديدًا؛ لتصير أمرًا رمزيًّا. في هذا المقال، يرمي الكاتب إلى البحث في لغة الدين من أجل فهم العنصر الرمزيّ الكامن في الدين واللاهوت معًا، معتمدًا على محوريّة الرمزيّة في اللغة عمومًا.

عبد الوهّاب البياتي .. رموز وأقنعة

يعرض المقال ما ابتدعه عبد الوهّاب البياتي من رموز ودلالات ضمن عناوين أربعة: الأوّل، هو الرمز الصوفي والشعري على منوال المتصوّفة بإنشاء معجم رموز خاصّ به، والثاني، الإنسان البطل القادر على إنقاذ البشريّة من العذاب. والعنوان الثالث هو بغـدادُ، وما تمثّله عنـد البيـاتـي من كونها محـور الوجـود، والنّقطـة التي تتقاطـع عندهـا الأزمنـة والأمكنـة. ثمّ نقلت الباحثة في العنوان الرابع إلى نظرة عبد الوهّاب إلى جبل قاسيّون في دمشق، وارتباطه بابن عربي، ووجد البياتي حلقة وصل بين بغداد ودمشق كما هي بين الحلّاج وابن عربي، وكما هي بين مكان ولادته ومدفنه، حلقة تلخّص رحلة حياة مليئة بالرموز والأقنعة التي رسّخها في نصوصه.

الشّجرة والإنسان رموزيّة تشابهات وتعالقات وتفاعلات

يعرض الكاتب رمزيّة الشجرة بما جسّدته في الثقافات القديمة والحديثة. فهي التي توحّد الأضداد، وتربط السافل بالمتعالي، وهي العالم الحيّ المتجدّد باستمرار. وهي التي غلّفت بوجودها كينونة الإنسان من المبتدأ إلى المنتهى، وتلبَّست حياته بها من أوَّل الخلق إلى آخر مراحل وجوده. كما ترمز أغصان الشّجرة – برأيه – إلى المجتمعات، وترمز أوراقها وثمارها إلى الحياة الجميلة والمتألّقة والهانئة. وترمز شجرة الحياة أيضًا في الأديان إلى مصادر البركة العظيمة في حياة الإنسان، وإلى الفردوس والحياة والمعرفة.