مدى تأثير العرفان الإسلامي في العلوم الإنسانيّة

ترجمة: السيد هواري الجزائري

يطرح هذا الحوار مع آية الله السيد يد الله يزدانپناه علاقة العرفان الإسلامي وتأثيره في العلوم الإنسانيّة، بوصفه منهجًا من مناهج الدراسات، إلى جانب المنهج الوصفي، والمنهج التجريبي. ولأنّ الأنتربولوجيا تتعمّق في علم الإنسان اجتماعيًّا وثقافيًّا وحضاريًّا؛ فهي تتقاطع مع العرفان في كون موضوعه الرئيس هو أعظم مظاهر الحقّ تعالى، وهو الإنسان الكامل. فيعرض العلّامة بدايةً بعض أفكاره حول الموضوع، ثمّ يجيب عن الأسئلة والاستفسارات الموجّهة إليه.

الشّجرة والإنسان رموزيّة تشابهات وتعالقات وتفاعلات

يعرض الكاتب رمزيّة الشجرة بما جسّدته في الثقافات القديمة والحديثة. فهي التي توحّد الأضداد، وتربط السافل بالمتعالي، وهي العالم الحيّ المتجدّد باستمرار. وهي التي غلّفت بوجودها كينونة الإنسان من المبتدأ إلى المنتهى، وتلبَّست حياته بها من أوَّل الخلق إلى آخر مراحل وجوده. كما ترمز أغصان الشّجرة – برأيه – إلى المجتمعات، وترمز أوراقها وثمارها إلى الحياة الجميلة والمتألّقة والهانئة. وترمز شجرة الحياة أيضًا في الأديان إلى مصادر البركة العظيمة في حياة الإنسان، وإلى الفردوس والحياة والمعرفة.

قراءة تأويليّة لحركيّة الرمز في قصّة سلامان وآبسال لابن سينا

يعرض البحث قراءة تأويليّة لحركيّة الرمز عند ابن سينا في قصّة سلامان وأبسال، حيث استقرأ الباحث البُعد العرفاني فيها، الرامي إلى ولوج عالم الروح والباطن، واستنطاق النص بغية إيجاد المعاني العميقة والرموز الدلاليّة التي أرادها الكاتب، وتحرّى عنها الباحث.

فالقصّة، بما هي نص كتابي، تخضع لكشف دلالي رمزي من المتلقّي، وإن كانت عبارة عن تجربة ذاتيّة من الكاتب نفسه. بدأ الكاتب بتحليل شكل بناء القصّة، بما يمثّل من مدخليّة سنديّة للنصّ. وحلّل الشخصيّات التي تبنّاها ابن سينا، وكذلك الأحداث، وزمان تتابعها، ليصل إلى تحليل رمزي لعناصر القصّة، والمبدأ الذي أراده ابن سينا في نصّه.

ضبابيّة الأمر القرآني

ترجمة: محمد علي جرادي

تتأتّى ضبابيّة الأمر القرآني – بنظر تشيتيك – من الاختلاف العاميّ للآيات القرآنيّة المتعارضة في ظاهر المعنى بين الأمر الكوني، والأمر الديني، ومن استخدام القرآن لمصطلحات لا يُجمع عليها أتباع الديانات السماويّة جميعها، ممّا يفسح المجال لكثرة التفاسير والتأويلات.

كما يرى اختلافًا في التفسير بين أهل الحبّ، وأهل المعرفة، إلّا أنّه مهما كان للتأويلات الدينية المبنيّة على أساس الشكّ من فائدة في هذا العالم النسبي، فإنّ التأويل المبنيّ على أساس الثقة منطقي أكثر في التعامل مع الحقيقة الوحيدة في هذا العالم.

For William Chittick, the ambiguity of the Qurʾānic command arises out of the disagreement among people about the conflicting external meaning of the Qurʾānic verses regarding the universal command and the religious command. The other cause of ambiguity is the Qurʾān’s usage of terminology that is not unanimous among the adherents of all heavenly religions, which allows for the possibility of multiple exegeses and interpretations.

Chittick observes a difference between the people of love and the people of knowledge. Regardless of the importance of religious interpretations based on doubt in this relative world, interpretations arising out of certitude make more sense when dealing with the one true Reality in this world.

افتتاحية العدد 36

تحميل البحث: افتتاحية العدد 36

يأخذك “ويليام تشيتك” في رحلة إلى عوالم الفكر، تقف معه عند بوابة الكلام، تأخذك الدهشة من ارتسام الحروف المحفورة على عتبة القول، فتنبهر كثيرًا، وتصبح كقمر يدور في فلك كوكبه، حتى إذا ما وعيت، أدركت أنّك كنت تسمع حديثًا، يحتاج إلى مراجعة وتدقيق، فتنهال عليك رسوم السؤال، فتقف عندها، تحاول أن تتخطّاها، لكنّها سرعان ما تجرفك إلى ساحل شاطئ، فتلحّ عليك بأن تكون القطرة التي تريد أن ترفد البحر بما تصوّرته أنّه الماء. فتقرّر في نهاية الأمر أن تستريح، وتبوح بما يجول في خاطرك.

الزمن وعودة الأبدية

تحميل البحث: الزمن وعودة الأبدية

تأثّر مبحثُ الزمن بالكوجيتو الديكارتي (الذي جعل الذات في قِبال الخارج)، وبالفصل الكانتيّ بين الزمن الطبيعيّ والزمن ببُعده الإدراكي والإنسانيّ المعيش، ما أدّى إلى إقصاء الواقع في أوّلية الإدراك التأويلي مع هُسرل، وتنحية الإيمان والأبدية في منهج هايدغر القائم على محوريّة كينونة الذات – هنا. أمّا بحسب الأطروحة التدبّرية الإسلامية، فإنّ للزمن السيّال والمتجدّد في وجوده الخارجي واقعية، كما للزمن الأنفسيّ في وجوده الجمْعي في الذهن واقعيّتُه. ولئن كان للنفس المترقّية في مدارج الوجود قيّوميتها على الزمن الخارجي بما هو وجودٌ ضعيف، فلِسَعي الأخير نحو الوجود الفعلي الذي لا يجد له علاجاً إلّا من خلال الأبدية.

The study of time has been affected by the Cartesian Cogito (which opposed the self to reality), and by the Kantian separation between natural time and time in its cognitive and lived sense. This brought about the alienation of reality in Husserl’s primacy of perceptual interpretation, and the alienation of faith and eternity in Heidegger’s method based on the primacy of Sein. As with the Islamic deliberation thesis, the flowing and

renewable time is real in its external existence, as does psychological time has reality in the mind, in its collective existence. If the soul, progressing in the path of existential perfection, has a headship on external time inasmuch as it is a weak existence, then it is because external time seeks its actual existence which cannot find its cure but by way of eternity.

الزمنُ في فكر مارتن هايدغر مقاربة استيضاحيّة

تحميل البحث: الزمن في فكر هايدغر

في المنعطف الذي نحى فيه هايدغر منحى الكينونة في ذاتها عوضَ مساءلتها وهي منحصرةٌ في نطاق الكائنات (الدازاين تحديداً)، باتت الكينونة، بما هي طاقة إلقاء للكائنات إلى حركة الانبساط في الوجود، الوجه الفاعل للزمن. لقد صارت الكينونة بُعداً رابعاً من أبعاد الزمن، بالإضافة إلى الماضي والمستقبل، مع أوّلية المستقبل الذي يبدأ منه فعل التزمّن، والذي يلائم الكينونة في حركة انحجابها واعتلانها.

Heidegger’s thought, at one stage, underwent a major turn (Kehre) wherein he sought to interrogate Being in itself rather in its confinement to the borders of beings (the Dasein in particular). As such, Being, as an energy throwing beings into existence, becomes the active face of time, a fourth dimension (of time), which does not avert the primacy of the future from where the act of temporality ensues, and which suits Being in its acts of announcement and hiddenness.

محمد جواد مغنيّة: فقهه واتجاهه التقريبيّ

تحميل البحث: محمد جواد مغنية- اتجاهه التقريبي-

استطاع العلّامة مغنيّة بجرأته وعقله النيّر أن يرى في سعة المشتركات بين المذاهب وقلّة الموارد التي يتفرّد كلّ مذهبٍ بها، باباً للتواصل بين الفرق الإسلاميّة المختلفة. ولمّا كانت المشتركات كثيرة فطبيعيٌّ أنّ التعاون فيها والإعذار في غيرها سيؤدّي إلى توحيد المواقف. وإذ اعتبر أنّ سدّ باب الاجتهاد هو مقدِّمة للحجر على العقل، وبالتالي الانغلاق على الذات المتمذهبة في إقصاءٍ لكلّ مشترَك وتفعيلٍ لكلِّ ما يغذّي العصبيّة، فقد دعا إلى أخذ آراء كلّ مذهب من كتبه لا ممّا ينقل عنه، تثبيتاً للنزاهة في التعاطي وابتعاداً عن مثارات العصبيّة والجهل، فكان تقريبيّاً بأبهى ما يمكن لهذا المصطلح أن يكونه.

Allamah Moghniyyeh, both wise and courageous, was capable of spotting a path for communication amongst various Islamic schools of thought, in their broad commonalities and the rarity of issues they disagree upon. And since so much is in common, then the grounds for cooperating is broad enough. Moghniyyeh also considered Ijtihad to be very important in this process of dialogue. Closing the door on Ijtihad would be a first step towards detaining the mind and, thus, enclosing on one’s self in an exclusion of every common element and strengthening whatever feeds

fanaticism. In the same vein, Moghniyyeh called for reading every school from its own books not from what is said about it, so as to be honest in dealing with others. In so doing, he embodied the highest values the word proximity can hold.

موقعيّة‌ الفلسفة في أعمال العلّامة محمّد جواد مغنيّة

تحميل البحث: موقعية الفلسفة في أعمال محمد جواد مغنية

غير بعيدٍ عن ‘الفتنة’ التاريخيّة بين العقل والنقل، تخيّر العلّامة مغنيّة منطقةً وسطى من الاشتغال بالفلسفة، فدرس الدين فلسفيّاً على أرضيّة الإيمان وسمّى مهمّته المعرفيّة هذه بـ‘فلسفة العقيدة’. ولئن أقرّ بجدوى التجريد الفلسفيّ في توليد السؤال وتنقيح العقيدة بنور العقل وردم الهوّات بين الذات والآخر، فأنّه أدخل الفلسفة في مجال الاستعمال، في الواقع التفصيليّ للحياة الدينيّة اليوميّة.

Not uninvolved in the historic drift between scripture and intellection, Sheikh Moghniyyeh opted for an interval intermediate to both, studying religion philosophically on the solid basis of faith and calling his epistemic undertaking ‘doctrinal philosophy’.

And while acknowledging the worth of philosophical abstraction in engendering questions, enriching doctrine and bridging gaps between the self and the other, Moghniyyeh brought philosophy to the field of detailed, straightforward everyday religious life.

الدين، الفلسفة، والسؤال المهاجر

تحميل البحث: الدين، الفلسفة، والسؤال المهاجر

ينبع السؤال من روح الفلسفة والدين دون نظمهما والهيئات، وإن كان له في أصل الإنسانِ أصلٌ وفي فطرته محلّ. وهو مثار الدهشة المواكِبة للرحلة الدينيّة والفلسفيّة، وهو الذي يرتحل عن الذات فيهجر محلّ تساميه ليتجلّى في المفهوم ويحايث الزمن ويستحكم بالواقع، ويتّحد معه متقلِّباً بين جاذبيّة الشوق والرحمة والمحبّة وهيام الطلب والاستغراق في الألم ومندفعاً، أبداً، نحو الأكمل. ومن حيث ما انطلق، فهو يولِّد الدهشة ويقبض على المعنى فيستولد سؤالاً آخر ويستمرَّ في هجرته – إلا إذا توقّف عند نقطة الانطلاق وتقوقع على الذات.

          يجادلُ الكاتب ههنا بأنّنا، باستعادة روح السؤال، نعيد تحديد قِيَمِنا ورؤانا الفلسفيّة واعتقاداتنا الاجتهاديّة ونظرتنا إلى المسائل الأساسيّة.

Questions issue, not from religious and philosophical constructs, rather out of their spirit, even if they [questions] have, in man’s primordial nature, deep roots and inherent standing. Questions, again, are the source of the fascination which escorts the religious and philosophical journey, when they emigrate from the self and abandon their point of transcendence to be manifested in the concept, to be immanent in time, to seize control of reality and to merge with it while shifting between the nostalgia of yearning, mercy and love, and the passion of request and envelopment in pain. Questions always long for the most perfect. Yet, no matter where the starting point was, questions always grasp the Meaning and generate fascination, thus engendering new questions and resuming emigration – save when they stop at the start point and stagnate.