السياسة والتديّن الشعبي في تونس

يعالج موضوع البحث ظاهرة زيارة الزوايا وأوليائها الصالحين وأثرها على الأنظمة السياسيّة بكل من المغرب وتونس، أي كيف تعمل الزوايا كممارسات ثقافية وشعبية في ترسيخ المعتقد والحفاظ عليه، مبرزين دور هذه الممارسات الطقوسية والمعتقدات كسلوك اجتماعي، فالزاوية بما هي مكان معدّ للعبادة وجلب البركة، فهي لا ترتبط بالبعد الديني فقط، وإنما ترتبط بأبعاد أخرى سياسيّة واقتصادية، وهذه الأبعاد هي التي تحدّد علاقتها مع المخزن.

إنّ التركيب الديني والسياسي هو ما جعل المخزن يتدخّل في القضايا الأساسيّة للزوايا من أجل مراقبتها عن قرب، فسياسة المخزن في المجال الديني لم ترتبط بالمقاربة فقط، بل عملت على إضعاف بعض الزوايا وخلق الصراع بينها وبين زوايا أخرى، من خلال تفضيل زاوية على أخرى  هذه العملية دفعت الزوايا إلى الخروج من دائرة التفاوض والدخول في دائرة الصراع تارة، وتهدئة الأوضاع القائمة تارة أخرى، وبالتالي جعل الزاوية تابعة للإيديولوجية المخزنية، وليست منفصلة عنها.

The study examines the phenomenon of visiting zawāyā and their righteous awliyāʾ, and studies the effect these visits have on political systems in both Tunisia and Morocco. How do zawāyā, as cultural and popular practices, serve in reinforcing religious beliefs and preserving them. The author then highlights the role of these rituals and beliefs as social behaviors. The Zāwiya is a place readied for worship and the obtaining of blessings, as it is not only connected to the religious dimension but also has political and economic aspects, these aspects are what determine the zāwiya’s relation with the Makhzen i.e., the governing institution.

The religious and political structure led the Makhzen to intervene in the zawāyā’s fundamental issues to closely monitor them. The Makhzen’s policy within the religious domain was not only about reconciliation, but it also sought to weaken some zawāyā and initiate conflict between them and others through favoritism. This process led zawāyā to cease negotiation and move to conflict at intervals and to subside ongoing situations at others, thus, making zāwiya an inextricable subordinate to the Makhzen ideology.

وجوه استفادة العلوم الإنسانيّة من علم الكلام الإسلاميّ

ترجمة: هواري الجزائري

يطرح هذا الحوار ضمن قسمين: يتناول القسم الأوّل أصل قضيّة العلاقة بين علم الكلام والعلوم الإنسانيّة، أو بتعبير آخر، مساعدة علم الكلام للعلوم الإنسانيّة؛ وأمّا القسم الثاني فيختصّ بطريقة تطبيقات هذا البحث، ويحتوي على  عرض قائمة من تفاصيل مواضيع علم الكلام التي يمكن أن تؤثّر في الفروع والاتّجاهات المختلفة للعلوم الإنسانيّة، وتؤثّر في موقف علم الكلام من سائر العلوم.

رمزيتا الماء والنار في الأساطير والأديان

تبوّأت المياه والنار منزلة مهمّة في حياة الشعوب البائدة، والحضارات القديمة. فالمياه هي مصدر الحياة؛ لذلك قدّسها الإنسان. فالفكر الإغريقي يرى أنّ الماء أصل الكون؛ لذلك حظي بآيات تبجيل دينيّة، واعتقد المصريّون أنّ الإله رع أوّل من خرج من المياه الأولى. وأمّا السومريّون فإنّ البداية المائيّة عندهم موجودة في فكرة الإينوماإليش. باختصار، لقد اعتقد الإنسان الأوّل في قدسيّة المياه، واعتبرها إلهًا، آمن بقوّته وقدرته وسخائه وبطشه، فعلّق المرء استيهاماته على هذا العنصر الطبيعي، وعدّه ملاذه الآمن، فجعله رمزًا دالًّا على الخلق، واستمرار الحياة، أو الطهارة، الجسديّة منها والروحيّة، ورمزًا دالًّا أيضًا على الثواب والعقاب. وهي دلالات حملها الإنسان للماء، مثلما تبرزها الأساطير أو النصوص الدينيّة المقدّسة. كما قدّس الإنسان الدينيّ أيضًا النار كالماء تمامًا، فاعتقد فيها وعدّها رمزًا للحضور الإلهيّ بين البشر، ورمزًا للبعث المتجدّد.

المقاربة الفينومينولوجيّة لمفهوم الرمز إطلالة عامّة بين النظرية والتطبيق

يهدف البحث إلى رصد الرؤى والأفكار التي طرحت حول مفهوم الرمز في العلوم الإنسانيّة والأنتروبولوجيا – في صيغتها الفينومينولوجيّة – بشكل خاص، ولذا فهو يصنّف ضمن البحوث الرصدية الوصفية، من دون البحوث المعيارية التي تهدف إلى بيان الصواب من الخطأ في التعامل مع قضية الرمز ومفهومه.

عرض الكاتب ثلاثة اتجاهات أساسيّة، اهتمّت بتحليل الرموز في العلوم الإنسانية، وهي: الاتجاه الوضعي المنطقي، ورائده رودولف كارناب، والظاهراتيّة اللغويّة، ورائدها إدموند هوسرل، وفلسفة اللغة العاديّة، ورائدها فتغنشتاين. ثمّ بيّن ارتباط الرمز بالبحث عن التجربة الدينيّة، عبر عرض نموذج من تحليل الرموز، وهو التحليل الأنتربولوجي للعمارة الدينيّة، وعمارة المسجد بشكل خاصّ.

التجربة الدينيّة في الإسلام التقليديّ

 

ترجمة: ديما المعلم http://al-mahajja.org/author/dima-el-mouallem/

تعدّدت المصطلحات التي تصف الكيفيّة التي يدرك ويختبر بها الناس الظواهر العادّيّة والاستثنائيّة المرتبطة بالله في مختلف اللغات الإسلاميّة. لكنّ الكلمة المستعملة اليوم لترجمة المفهوم المعاصر، أعني بها كلمة تجربة، لم تكن من ضمن هذه المصطلحات. وكلّ مطّلع على الإسلام يعرف أنّ ما يسمّى عادةً “التصوّف” أو “العرفان” يتناول موضوع تجربة الشعور بحضرة الله بالتفصيل. نظرًا لأهميّة التصوّف على مرّ التاريخ، يعني هذا أنّ طريق البحث عن الله والإحاطة به، قد كان من اهتمامات عدد لا يُحصَى من المسلمين. ويعبّر كارل إرنست عن إجماع العلماء المتخصّصين حين يقول: “إنّ العرفان هو أحد أرحب مدارس الروحانيّة في تاريخ الأديان. بدءًا من أصوله التي تعود إلى النبيّ محمّد والوحي القرآنيّ، كان للتوجّه العرفانيّ بين المسلمين دور لا يُبارَى في تطوّر الدين الإسلاميّ على الصعيدَين العامّ والخاصّ”. لذلك، سأسلّط الضوء في هذا المقال على بعض المطالب الواردة في عيون المصادر الصوفيّة.

 Numerous terms were employed in Islamic languages to designate the ways in which people perceive and experience ordinary and extraordinary phenomena pointing back to God, though the words used nowadays to translate the modern notion of experience (e.g., tajriba) were not among them. Anyone acquainted with Islam will be aware that what is commonly called “Sufism” or “Islamic mysticism” addresses the issue of experiencing God’s presence in voluminous detail. Given Sufism’s prominence over history, this means that the path of finding and perceiving God has been a preoccupation of countless Muslims. Carl Ernst is expressing the consensus of specialists when he says, “Islamic mysticism is one of the most extensive traditions of spirituality in the history of religions. From its origins in the Prophet Muhammad and the Qur’anic revelation, the mystical trend among Muslims has played an extraordinary role in the public and private development of the Islamic faith.”1 Here I will highlight a few themes in the primary literature.   

افتتاحية العدد 8

تحميل البحث: افتتاحية العدد 8

فلسفة الدين مفهوم حديث في قاموس الفلسفة، وهو يحاول أن يشقّ طريقه، ويثبت خطاه إلى جانب الكثير من العلوم المضافة كفلسفة الجمال، وفلسفة القانون … ومع أن موضوعاته قديمة بقدم الفلسفة. إلا أنه يحمل الكثير من الأسئلة، بعضها يتعلق بأصل العلاقة بين الدين والفلسفة، وهذه المسألة تعود بجذورها إلى  بداية التفكير الفلسفي.

العقل ومرجعيّته في العلوم الدينية

العقل في الروايات هو القوّة والقدرة على التحليل، وفي الفلسفة الجوهر المجرّد عن المادّة ذاتًا وفعلًا.

يساهم العقل في تحديد معيار لتشكّل العلوم الدينيّة إذ إنّها علوم متمحورة حول الدين، تابعة لطبيعة السبب الذي دعا إلى نشوئها، وبما أنّها إنسانيّة فللعقل فيها دور محوريّ، فهو يكشف عن حقّانيّة الدين الموحى من جهة، وحاضر في العلوم الاعتباريّة لجهة التحليل المنطقي لإثباتها من جهة أخرى.

وبما أنّ العلوم تنشأ نتيجة الحاجات وتتنامى بالتدريج، فصحّة المعرفة ترتبط بمطابقتها للواقع، وهذا هو عمل العقل.

Reason (ʿaql), when mentioned in narrations, is the capacity and ability to analyze, while in philosophy it is an abstract immaterial substance (jawhar mujarrad ʿan al-mādda) in essence (dhātan) and actuality (fiʿlan). In religious sciences, which revolve around religion and are subordinate to the cause of their existence, reason is one determining benchmark for these sciences’ formation. Since religious sciences belong to the humanities, reason has a pivotal role in them, demonstrating the validity of the revealed religion. In natural sciences, reason comes to the fore in logical analysis that seeks to prove the validity of these sciences. Since the sciences emerge out of certain needs and develop only gradually, the knowledge generated from them is valid insofar as it corresponds to reality, reason’s role lies here.

إصدارات

تحميل الملف: اصدرات

تخصّص مجلة “المحجة” باب الإصدارات في هذا العدد لإطلاق المشروع المعرفي الأول، الذي يقوم به “معهد الدراسات الإسلامي للمعارف الحكمية” على صعيد النشر، حيث قام المعهد وبالاشتراك مع دار الهادي بإصدار ثلاثة كتب ضمن سلسلة : “في الدين والفلسفة”؛ الكتاب الأول للدكتور “بولس الخوري” حمل عنوان: “في فلسفة الدين” والثاني كتاب: “بين الطريق المستقيم والطرق المستقيمة” شارك فيه كل من “الشيخ مصباح اليزدي، والدكتور عبد الكريم سروش، والدكتور علي قائمي نيا:، والثالث: “مقدّمات تأسيسية في التصوف والعرفان والحقيقة المحمّدية” وحمل أسماء كل من “ضياء الدين سجادي، وأحمد الأشتياني، وكريم الأميري فيروزكوهي”.

الإيمان وجهة نظر فلسفية

تحميل البحث: الايمان وجهة نظر فلسفية

إذا ورد الإيمان بمعنى التصديق، تعدّى مجال الدين إلى غيره من مجالات المعرفة. فمثلًا كلّ بشريّ يصدّق ما يرى ويختبر. ويصدّق قول من يثق بصدقهم. والفيلسوف، المطالب بالبرهان أساسًا، لا يسعه إلا أن يصدّق الأوائل التي ينطلق منها البرهان ويرتكز عليها. والعالم، الباحث التجريبيّ عن قوانين الطبيعة، يصدّق قبل التجربة أنّ المادة موجودة وأنها تخضع لقوانين.

القدسي والظاهرة الدينية عند رودولف أوتو

تحميل البحث: القدسي والظاهرة الدينيةعند رودولف أوتو

إذا كانت غاية فلسفة الدين تفسيرُ الدين بما هو ظاهرة، بُعدُها الأساسيّ إنساني – جوانبه نفسية واجتماعية وتاريخية -، من خلال مراعاة الموضوعية والاستدلال المنطقي، فإنّ رودولف أوتو خرج عن إطار فلسفة الدين عندما لم يقصر بحثه على الظاهرة الدينية وتخطّاه ليُعالج ظاهرة التبليغ، وخرج عن إطار نفس الفلسفة عندما، في إصراره على مراعاة حدّ التسامي الذي يلبث فيه المُطلق، اعتبر أنّ في الدين عنصراً يتأبّى القبضَ العقلاني هو القُدسيّ. القُدسيّ، إذاً، عنصرٌ مكوّنٌ للدين إلا أنه عنصرٌ غير عقلاني، لا يملك الفيلسوف أن يفسّره، بل أن يقف أمامه برهبة.

If it were the aim of philosophy of religion to explain religion as a phenomenon whose main dimension is human – in his psychological, social and historical aspects – through subjectivity and logical analysis, then Rudolf Otto stepped away from philosophy of religion when he didn’t restrict his study to the “religious phenomenon” but moved into analyzing proselytism, and he stepped away from philosophy itself when, in his insistence to heed the transcendence of the Absolute, he considered that there is in religion, an element un-amenable to rational seizure; it is the holy. The holy, then, is a constitutive element of religion, but rather an irrational element a philosopher cannot explain; cannot but face it in awe.