ابن الطين وغسق الذات المجهولة

لقد كان للفلسفة اليونانيّة – الأفلاطونيّة، وما تفرّع منها، تحديدًا – وكذلك للمسيحيّة، أثرٌ في تجذير النظرة السلبيّة إلى الجسد. وهذا ما شكّل الخلفيّة، في التعاطي مع الجسد، للنموذجين الشخصيّين الذين سادا هذه المساحة الحضاريّة: الغرب والإسلام. أمّا في الغرب، ونتيجة تراكمات تاريخيّة، فقد أدارت النُّظُم الفلسفيّة الغربيّة ظهرَها للدين، ومعه منظومته حول الجسد ومتعلّقاته، ليصير الجسد عندها تمام الذات ومعيار القيمة. وأمّا في النموذج الحضاريّ الإسلاميّ، لم يَحُل رسوخ الروح الدينيّ دون استشراء الموقف النفسيّ الحادّ تجاه الدنيا، وتجاه الجسد بالتَّبَع. بيد أنّنا، إذا ما استطلعنا أصول نظرة الإسلام إلى الجسد وأركانها، وميّزنا بين القراءات الداخل الدينيّة، وتلك الخارجة عن الرؤية الدينيّة، لوجدنا أنّ المسار الفكريّ الإسلاميّ ليس مضطرًّا لأن يخلص إلى نفس مآلات الفكر الغربيّ، بل هو مدعوّ لأن يطوّر نظرته – المتوازنة – الخاصّة في شأن الدنيا والجسد.

Greek philosophy – Platonism and its offshoots above all – and Christianity have had a role in augmenting the negative stance towards the body. This has provided the background, while dealing with the issue, for the two personal archetypes overshadowing this sphere of civilizations: the West and Islam. In the West, and on account of historical accretions, Western philosophical constructs forsook religion, with its edifice concerning the body un-excluded, just to have the body become the whole of the self, and the criterion for value. In the Islamic civilization model, the firmness of the religious spirit couldn’t prevent the conduction of the acrimonious attitude towards this earthly life, and, derivatively, towards the body. If we could, however, survey the pillars of the Islamic view of the body, and discern, in the various readings, what’s foreign from what’s native (to Islam), we would see that the intellectual trajectory in Islam need not arrive at the same endings like its Western counterpart; rather is it called upon to develop its own principled – balanced – position as to the body and this earthly life.

الإلحاد، أيديولوجيا الإنسان المبتور

أيّ إنسان يريده الدين؛ وأيّ إنسان يريده الإلحاد؟ سؤال مقيم ترسم محاولات الإجابة عنه مسار الجدل الحادّ الذي يتوسّع يومًا بعد يوم بين طرفَي النزاع. وفي حين يصرّ الملحدون على تحرير أنفسهم من قيود الدين وصولًا إلى قطع الصلة به نهائيًّا، يتفطّن المتديّنون لمآلات الانجرار وراء التركيز على عناوين من قبيل “الإرادة الحرّة”، مثلًا، ويجدون فيها توظيفات يحرص خصومهم من خلالها على جذب الانتباه وتحفيز الآخرين على الانضمام إلى ركبهم. ولمـّا كان الإنسان محور هذا النقاش المحتدم، فإنّ رهان أهل الدين منعقد على مقابلة الخصم بتوظيفات أشدّ إحكامًا لا تنقض جوهر حرّيّة الاختيار عند الفرد، ولكنّها في الوقت عينه لا تبالغ في إطلاق يده من غير عقال، وذلك لكيلا لا يؤدّي الإمعان في نبذ الدين إلى “بتر” قسريّ وقهريّ للإنسان عن الدور الذي يريده الدين له. وهو دور لا يـني المتديّنون يؤكّدون على أنّه – وإن حُفَّ بالتزامات ومعايير تتفاوت في اتّساعها ومرونتها – يحفظ الإنسان من الانقطاع العبثيّ والعدميّ عن مرجعيّة أخلاقيّة وقيميّة ضامنة.

What kind of man does religion seek? And what kind does atheism seek? An enduring question that attempts to delineate the path of intense arguments that expands continuously between the two parties of the conflict. Whereas atheists insist on freeing themselves of the restraints of religion, completely cutting their ties from it, the religious are becoming increasingly aware of the consequences of focusing on notions such as “free will”, for example, discovering uses for them through which their adversaries attempt to draw attention and motivate others to join their ranks. Since man is at the center of this heated debate, the religious are set on meeting their adversaries with better employment for these notions that do not contradict the essence of personal freedom of choice, while at the same time not leaving it free of restraint, so that efforts to cast away religion would not forcibly mutilate the role religion intends to man; a role the religious assert it – even if it should be involved with commitments and standards of varying scope and flexibility – keeps man from being vainly and uselessly cut off from a guaranteeing moral and axiological reference.

منهج العلّامة الطباطبائيّ في فهم الإسلام

إنّ قراءة الإسلام في منهج العلامة الطباطبائي متوقّف على فهم المراد من الإسلام؛ فبلحاظ أنّ الرؤية العامّة لمكوّنات الدين الإسلامي وفق العلامة الطباطبائي كان للنصّ القرآني حضورًا محوريًّا في تشكيل الصورة والجانب القرآني جانب إلهي من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ المضمون نفسه يستعرضه العامّة في سياق كونه فطريًّا أو عقليًّا أو فطريًّا وعقليًّا، وبالتالي هناك تناسبيّة حاكمة في كلّ الأبعاد الدينيّة، ستطرح المضامين دائمًا في سياق تفاعلي بين الجانب الإنساني والجانب الإلهي.

المستغرِبُ المحفوظ بأصله الأوّل منهجيّة التفكير عند الفيلسوف سيّد حسين نصر

حفظ سيد حسين نصر أصله الديني وهويّته الحضاريّة، وسعى لتظهير روح الإسلام وعرضها على العقل المؤسّس لحداثة الغرب المعاصر. فجاءت منهجيّته مركّبة تقوم على تفعيل ثلاثة خطوط متوازية ومتلازمة هي: التعرّف إلى المجتمعات الغربيّة كما هي في واقعها، كذلك المناهج والسياسات التي اعتمدتها حيال الشرق والمجتعمات الإسلاميّة، وخطّ النقد ويجري عنده متاخمًا للذات وللآخر. ولم يعالج الغرب ككتلة صمّاء بل بنية حضاريّة تتعدّد أضلاعها وينبغي فهمها لبناء إستراتيجيّات للمواجهة.

منهجيّة مالك بن نبي في قراءة الإسلام

شكّل النصّ القرآنيّ في منهج مالك بن نبي ركيزةً بنيويّةً، نهل مصاديقها من منجزات الفكر الشرقيّ والغربيّ على حدّ سواءٍ، بحيث يمكن طرحها في عرض المنظومات المعرفيّة التي أبدعها مفكرو الإسلام في العصر الحديث، محاولةً منهم لتقديم مقاربات جديدة في فهم الإسلام، وحرصًا على بعث نهضة حضاريَّة عربيّة وإسلاميّة محدثة.

كما ظلّ فكره مرتبطًا بشخصه، واستلهم من طروحات الباحثين وافكارهم ومناهجهم، وتأثّر بالثقافة الغربيّة إلّا أنّه لم يسلّم لها تسليم الأعمى.

 

المنهج الفكري للسيّد محمد حسين فضل الله (ره) في فهم الإسلام

إنّ ما يمتاز به السيد فضل الله (ره) أنّه أسّس منهجيّته من داخل النظام الاستدلالي المعروف، وهو لا يشذّ عن أركان الاجتهاد ضمن البارادايم السائد، وهي التي حُصرت في أربعة: القرآن والسُنّة والعقل والإجماع، إلّا أنّه قدّم تعديلات فيه. وهذا ما خلق قاعدة منهجيّة للحوار المشترك بين أتباع المدرسة السائدة والمدرسة الفكريّة التي مثّلها السيّد فضل الله (ره)، لا الحديث عن مدرستين مختلفتين جذريًا. وذلك عبر ثلاثة ملامح أساسيّة في فهم الإسلام طرحها هي؛ النصّ، والعقلانيّة والواقع.

البنية الأساسية للتفكير المِتافيزيقي في الإسلام

ترجمة: محمود يونس

للحقيقة المِتافيزيقية، بحسب مدرسة وحدة الوجود، بُعدان بلحاظ تعيّنها أو عدمه. فإذا اعتُبر عالم المظاهر، حيث التعيُّنات، في علاقته بالحق، فهو واقعيّ تماماً، أمّا إذا ما لوحظ كقائم بذاته فهو زائف وباطل. ولا ينبغي لمعرفة عالم المظاهر، وهي معرفة ماهويّة، أن تحجب المعرفة بالأساس النهائي للواقع، وهذه معرفة لا تتأتّى إلا حضوراً. هنا يتسلّط العارف على البعدين عندما تذوب أناه في الحق فيتحد الذات والموضوع، وتُدرك الوحدة في عين الكثرة، في نحو معرفة يبقى عصيّاً على الاصطلاحية الماهوية التي لا ترى بين ما هو إبستمُلوجي وما هو أنطُلوجيّ سوى البون والتمايز.

الإسلاموفوبيا وصناعة الصورة

عرّف الباحث الإسلاموفوبيا بوصفها نزعة جديدة أو طارئة نشأت مع العقود الأخيرة، أو بعد حقبة الحرب الباردة التي حوّلت أنظار الغرب من الشيوعيّة إلى الإسلام. وعلى الرغم من كون المصطلح قديمًا، إلّا أنّ الصناعة الإعلاميّة الحديثة جعلت هذه الظاهرة في قلب الحياة السياسيّة والثقافيّة الأوروبيّة بشكل يوميّ، إذ نقلت الصور السلبيّة والنمطيّة للمسلمين من المجالات الضيّقة إلى رحاب الفضاء العمومي، بحيث أصبحت الإسلاموفوبيا قضيّة رأي عامّ، وظهرت صناعة إعلاميّة متخصّصة في توجيه هذا الرأي العامّ وإعداده لتلعب دورًا رئيسًا في قولبة العقول وتنميطها، والتحكّم في إدارتها.

ويحتاج التقليص من ظاهرة الإسلاموفوبيا في المجتمعات الأوروبيّة والغربيّة – برأي الكاتب – إلى حوار بين الحكماء في الجانبين، وبذل المسلمين جهودًا لإظهار قيمهم الدينيّة السامية وتقديم النماذج الطيّبة للآخرين، وإدانة الإرهاب الذي يمارس باسم دينهم، ويشوّه سمعته، ويؤثّر على صورتهم، انطلاقًا من أنّ الإرهاب هو العدوّ المشترك للإنسانيّة جمعاء، فبوقوفهم ضدّ الإرهاب يكون المسلمون قد وقفوا مع جميع الشعوب بمن فيهم الأوروبيّون، على أساس أنّهم إخوة في الإنسانيّة.

The author defines Islamophobia as a novel tendency that emerged in the last decades, or after the end of the cold war, an event that shifted the West’s attention from communism to Islam. Although Islamophobia is a relatively old term, the modern media industry has placed this phenomenon at the heart of European daily political and cultural life. It brought out negative stereotypical images of Muslims to the forefront, to a point where Islamophobia became a matter of public interest. Media companies who are experts in directing public opinion emerged in parallel and played a main role in molding and directing thought on the matter.

According to the author, limiting Islamophobia in European and Western societies necessitates discussions between intellectuals from both sides. As for Muslims, they must endeavor to show their religion’s moral high values, to provide a good example for others, and condemn acts of terrorism committed in the name of Islam, acts that tarnished its reputation and ruined their image. As terrorism is the common enemy of humanity, by opposing it, Muslims can side with all peoples of the world, not least the Europeans, as brothers in humanity.

الخرافات عند العرب قبل الإسلام

عرّف الكاتب الخرافة من منظور لغوي واصطلاحي، وميّز بينها وبين الأسطورة، ثمّ عرّج على مفهومهما عند العرب قبل الإسلام ورسوخ فكرتهما في أذهان العامّة. من هذه الأساطير: أسطورة الخلق، وإرمَ ذات العماد، ونسر لقمان، وأجناس الناطقين من المخلوقات، والمسخ، والجن، والغول، وغيرها من الأساطير السائدة في العصر الجاهلي.

وأفرد جزءًا من بحثه للتعرّف على قيمة الخرافة بما تشكّل من حضارة مجتمع ما وبعضًا من تاريخه الحقيقي والافتراضي أو المتوهّم. وتتخذ الأسطورة في البعد النفسي قيمةً عند الشعوب لأنّها تعدّ ملاذًا روحيًّا تحرّر شعور الإنسان من النقص والضعف أمام مَن هو أقوى منه.

The author defines the myth in terms of semantics and terminology and distinguishes it from the legend. He then deals with their understanding among pre-Islamic Arabs and their fixation in people’s minds. Such myths include the Creation Myth, Iram of the Pillar, Luqman’s Eagle, Creatures capable of speech, the metamorphosed, the Jinn, and the Ogre- to mention a few.

He further devotes some of his work to better understand the value of the myth as an element of a society’s civilization, and part of its true, virtual, or imagined history. From a psychological aspect, people value the legend as a spiritual refuge that frees them from inadequacy and weakness against stronger people.

التدين الشعبي مقدمة نظرية

يحاول الكاتب إيجاد الفرق بين الدين والتديّن الشعبي من المنظور الديني والاجتماعي، مضافًا إلى التداخل والعلائقيّة مع الدين كؤسّسة. ووقف عند توجّهات ثلاثة، هي: الدين الشعبي مكمّل للدين، أو هو تعديل للدين الرسمي، أو هو حضور للثقافة الشعبيّة في الدين.

وخلُص الكاتب إلى أنّ التديّن الشعبيّ فعل وسلوك اجتماعي يرتبط بعلاقة عضويّة بالدين، وعلى الباحث أن يميّز بينه وبين الممارسات الدينيّة الأصليّة. كما يرتبط بنمط سلوكيّ محدد، ويتمثل في عدد من الشعائر والمعتقدات الشعبيّة السائدة في مجتمع معين، ويتعلق بالعلاقة بين الدين والفئات الشعبيّة، وبمقولات ثلاث هي: الزمان والمكان والسببيّة.

The author attempts to distinguish between popular religion and religiosity from a religious and social perspective. He tackles their relationship and intertwinement with religion qua institution, highlighting three approaches; that popular religion is complementary to religion, a modified version of it, or a reflection of popular culture in religion.

Majed concludes that popular religiosity is a social activity and attitude that possesses an organic relationship with religion. Accordingly, it falls on the scholar to differentiate between popular religion and authentic religious practices. Moreover, this type of religion interrelates with a specific behavioral pattern and consists of several rituals and beliefs that prevail throughout its nurturing environment. It is related to the connection between religion, popular classes, and three elements: time, place, and causality.