الإيمان والإلحاد والعقلانية

يفتقد فريقا النزاع في سؤال “الإيمان/الإلحاد” إلى أرضيّة مشتركة تؤمّن حدًّا أدنى لتثمير الحوار بينهما. وهذا ما أحال النقاش بينهما إلى تراشق لفظيّ دفاعيّ وهجوميّ للأدوات والأدلّة والحجج والاتّهامات نفسها. من ذلك مثلًا الادّعاء بعدم تماميّة الدليل على وجود الله، والتي يردّها أهل الدين بعدم تماميّة الدليل على عدم وجوده؛ وغير ذلك كثير ممّا يدور في فلك تشكيك كلّ واحد بالحيثيّة العقليّة التي ينطلق منها صاحبه وأدوات المعرفة التي يستخدمها، وصولًا إلى اتّهامات متبادلة بالقصور العقليّ والخلل الفكريّ. ولكن، يمكن الخروج من هذه الدوّامة والنظر إلى المسألة من بُعد آخر يلحظ اتّساق البناء الأنطولوجيّ الذي يشغله إنسان الإلحاد أو إنسان الإيمان. نعم، لا يقود هذا المنظور إلى حلّ للإشكال المبدئيّ – البسيط والمباشر – في السؤال عن وجود الله مثلًا، غير أنّه يُسهم في تثبيت خطوط النزاع والعبور منها إلى مساءلة عقلانيّة قويمة لأسس الخلاف وسبل حلّها أو التعايش معها.

The two disputants of the “theism/atheism-question” lack a common ground that would provide the bare minimum that might bring the dialogue between them to fruition, which in turn turned their dialogue into a slew of offensive and defensive vitriol consisting of the same tools, proofs, arguments, and accusations on both sides, such as the claim that the proofs of God’s existence are not complete, to which theists reply that proofs of his non-existence are, equally, not complete as well. And much like this goes on as each party casts doubt on the rational standpoint of the other and the epistemological tools they use, also accusing each other of mental incapacity and rational deficiency. However, this cycle can be broken by assuming another perspective that considers the ontological context of atheists or theists. Yes, this approach will not resolve the essential problem – the simple and direct problem – vis à vis the question of God’s existence. However, it may prove useful in drawing the lines of the conflict and traversing from thereon to a sound rational interrogation of the basics of this conflict and how to resolve or coexist with them.

جدل الألم بين الآن والزمان مقاربة قرآنيّة على ضوء تفسير الميزان

كيما نتوافر على فهم للألم يجدر بنا أن لا نبسط له بما هو هو، بل أن نشذّبه لنفهم ما يتجاوزه. يتقوّم الألم بالذات الإنسانيّة، وهو مطبوع على نحو الطبيعة فيها. إذ هو هو، في إنسان الماضي، والحاضر، والآتي. وثمّة بما لا ريب من تلازم ما بين الألم والشعور، فإن لم يتحقّق الشعور لم يتحقّق الألم. يرتبط، إذ ذاك، الألم بالشعور باللحظة، بالآن، غير أنّ تلك اللحظة تغدو معياريّة في مآلات الإنسان ونشآته.

اللاهوت الطبيعيّ ومعرفة الله الوجوديّة إشكاليّة الوحي في لاهوت رودولف بولتمان

في حين تسترسل تيّارات لاهوتيّة وفلسفيّة مسيحيّة، وغير مسيحيّة، بالكلام عن اللاهوت الطبيعيّ، أي معرفة الله عبر الخليقة، أو العقل، يعارض رودولف بولتمان هذا التوجّه أشدّ معارضة، وقد استنبط لاهوته، الأمين لفكر المصلح مارتن لوتر (1483-1546)، متأثّرًا بفلسفة مارتن هايدغر (1889-1976) الوجوديّة، وملازمًا اللاهوت الجدليّ.  وهو يعتقد أنّه من المستحيل للإنسان معرفة الله بقدرته الخاصّة، أو من خلال التأمّل بالطبيعة أو التاريخ، وهما يحملان سمة رفض الله. فالله لا يتجلّى عبر الفكر، أو مجرى التاريخ، أو الخلق، بل يفصح عن ذاته بذاته في وجود الإنسان، في تاريخيّته Geschichtlichkeit الخاصّة.

While philosophical and theological currents, Christian and non-Christian, speak extensively about natural theology, viz. the knowledge of God through creation or mind, Rudolf Bultmann, against this trend, stresses his opposition. Bultmann, still faithful to the reformist, Martin Luther (1483-1546), formulated his theology under the influence of Martin Heidegger’s (1889-1976) existential philosophy, while firmly adhering to a dialectical theology. He held that man could hardly know God by virtue of his own capacity, or through the observation of nature and history, for both carry the trait of rebuffing God. Rather, God discloses Himself in the very being of man, and through his [man’s] own special historicity (Geschichtlichkeit).

الإيمان في كتاب الكافي للكليني

تشكّل المعالجة التي بين أيدينا نحوًا من إجالة النظر في نصوص الكافي، وملاحظة الإيمان الذي يستبق مجمل النسبيّات اللاحقة، والتي تحتكم إليها آليّات الفهم المتّبعة في الفكر العقديّ، وما قد يترتّب وفق هذه الرؤية على صعيد الفهم والاستنتاج. وتبرز صورة الإنسان المؤمن بوصفه الخلاصة الإلهيّة التي استخلفها في الأرض، وما قد يعنيه ذلك من أنّ الإيمان هو ميزة في جوهر الإنسان قبل أن يكون سيرورة فعل، وسلوك طريق. لذلك يغلب على هذه النصوص – وفق هذه الرؤية – طابع التوصيف، والتصنيف، وإسباغ وضعيّات منجزة على حالات لا يسودها حراك، أو تنتابها تحوّلات اللحظة. في هذا المستوى تحديدًا، تطمح المقالة إلى محاولة إجراء قراءة للإنسان على ضوء أحداث ذلك الزمن المقدّس.

An attempt is made to look into Al-Kāfī, to examine the type of faith preceding the later relativities, to which mechanisms of understanding apply in doctrinal studies, and then to catalogue the implications of such a reading at the interpretive level. Dealing with this faith-type, the primordial, the texts (in Al-Kāfī) are overwhelmingly descriptive, fixated upon categorization, and upon determining the conditions of unmoved states, states unaffected by the transitions of now-moments. At this level explicitly, the paper attempts to read man in the light of the events of that sacred time. Hence, the image of the faithful (man) signifies the divine epitome brought for vicegerency on earth, and the identity of faith is a trait in the essence of man even before he gets subjected to the becoming of acts, to wayfaring.

الإيمان والإنسان: مقاربة قرآنيّة

يسطّر القرآن حركة الاندفاعة الإيمانيّة نحو عالم الغيب، ويرى من مقتضياتها توافر الإنسان على المدارك الملائمة لمعرفة الغيب والإيمان به، وهي مرتكزات وجدان الإيمان في الإنسان. فالبنية الإنسانيّة، بحسب تركّبها التكوينيّ، مشتملة على الأصول العقائديّة الإيمانيّة ودالّة عليها. فيأتي الاختيار الإنسانيّ ليحسم انسجام هذا التركّب التكوينيّ من خلال تلاؤم مدارك الإيمان، القلب والفطرة والحسّ الباطن، وهذا ما يحبو النفس الإنسانيّة بالوحدة والانسجام. وهي إنّما تتوحّد في فعل الإيمان القادر، وحده، على أن يحكي عن علاقة الإنسان بالعالم الغيبيّ.  وإذا ما ترّسخ الإيمان في الوجدان الفرديّ، فإنّه يسري منه إلى الوجدان الجمعيّ من خلال حركة تولّد الفضائل في النفس الإنسانيّة – بفعل الإيمان – وسريانها إلى خارجها.

The impulse of faith directs a trajectory, towards the world of the invisible, perfectly outlined in the qurʾān. The impulse, in itself, entails the existence within man of apposite capacities to comprehend the invisible and have faith in it. These capacities are the fundaments of the inmost consciousness (wijdān) of faith in humans. In a word, the human construct, in its very creation, retains the fundaments of faith-belief, and is accordingly oriented. The role of choice (freewill), here, is to settle the issue of how to bring the diverse elements of this construct together through accommodating the various capacities of faith – heart, nature, and inner sense – and endowing the human soul with unity and concord. It is through the act of faith – for it alone is capable of simulating the connection between humans and the invisible world – that the dissonant elements are brought together. Once faith firmly settles in the individual’s inmost consciousness, it flows thereof to the collective’ through the generative and effusive virtues brought about this settlement.

الإيمان صبغة الله “ومن أحسن من الله صبغة”

لا بدّ، لمقاربة الإيمان نظريًّا، من (1) تعيين الحقل الانطباعيّ الخاصّ بمفردة إيمان، إذ معرفته لا تنحصر بدلالته العقليّة التصديقيّة، بل تتجاوزها إلى الدلالات القيميّة الأخلاقيّة التي تستوطن القلب، ويُعبّر عنها بالوجدان وبأصالة الجعل الفطريّ؛ (2) البحث عن مصدره، وعن شروطه – من سؤال وإرادة وفهم ووعي – التي تعايش حضور متعلّق الإيمان (الله)؛ و(3) النظر في نموذج يتمظهر فيه معنى الإيمان؛ وبما أنّ حقيقة الإيمان تكمن في الوصال بين الله والإنسان، وهو ما يمثّله الدين الوحيانيّ على أكمل وجه، فإنّ كلّ ما يرتبط بمبدإ وجودنا يصلح لأن يكون موضوع إيمان. بالتالي، الدين هو المصداق الأكمل للإيمان أو التصديق الإيمانيّ.

The theoretical approach to faith entails: (1) a delineation of the field of impressions specific to the term (faith) – thus transcending the restrictions of mental and linguistic significations towards the plentiful realm of ethical and axiological meanings resident in the heart, articulated by inmost consciousness (wijdān), and expressive of man’s original making; (2) an investigation of its source, its qualifications – question, will and awareness – wherein the presence of God, the object of faith, radiates; and (3) an examination of a model prototypical of the meaning of faith. By way of the said approach, the truth of faith comes to be depicted as inhering in the intimate communion between God and man, a communion best represented by religion; the object of faith would be all that relates to the principle of our existence; and revealed religion is acknowledged as one most perfect instance of faith.

إصدارات

تحميل الملف: اصدرات

تخصّص مجلة “المحجة” باب الإصدارات في هذا العدد لإطلاق المشروع المعرفي الأول، الذي يقوم به “معهد الدراسات الإسلامي للمعارف الحكمية” على صعيد النشر، حيث قام المعهد وبالاشتراك مع دار الهادي بإصدار ثلاثة كتب ضمن سلسلة : “في الدين والفلسفة”؛ الكتاب الأول للدكتور “بولس الخوري” حمل عنوان: “في فلسفة الدين” والثاني كتاب: “بين الطريق المستقيم والطرق المستقيمة” شارك فيه كل من “الشيخ مصباح اليزدي، والدكتور عبد الكريم سروش، والدكتور علي قائمي نيا:، والثالث: “مقدّمات تأسيسية في التصوف والعرفان والحقيقة المحمّدية” وحمل أسماء كل من “ضياء الدين سجادي، وأحمد الأشتياني، وكريم الأميري فيروزكوهي”.

الإيمان وجهة نظر فلسفية

تحميل البحث: الايمان وجهة نظر فلسفية

إذا ورد الإيمان بمعنى التصديق، تعدّى مجال الدين إلى غيره من مجالات المعرفة. فمثلًا كلّ بشريّ يصدّق ما يرى ويختبر. ويصدّق قول من يثق بصدقهم. والفيلسوف، المطالب بالبرهان أساسًا، لا يسعه إلا أن يصدّق الأوائل التي ينطلق منها البرهان ويرتكز عليها. والعالم، الباحث التجريبيّ عن قوانين الطبيعة، يصدّق قبل التجربة أنّ المادة موجودة وأنها تخضع لقوانين.

الزمن وعودة الأبدية

تحميل البحث: الزمن وعودة الأبدية

تأثّر مبحثُ الزمن بالكوجيتو الديكارتي (الذي جعل الذات في قِبال الخارج)، وبالفصل الكانتيّ بين الزمن الطبيعيّ والزمن ببُعده الإدراكي والإنسانيّ المعيش، ما أدّى إلى إقصاء الواقع في أوّلية الإدراك التأويلي مع هُسرل، وتنحية الإيمان والأبدية في منهج هايدغر القائم على محوريّة كينونة الذات – هنا. أمّا بحسب الأطروحة التدبّرية الإسلامية، فإنّ للزمن السيّال والمتجدّد في وجوده الخارجي واقعية، كما للزمن الأنفسيّ في وجوده الجمْعي في الذهن واقعيّتُه. ولئن كان للنفس المترقّية في مدارج الوجود قيّوميتها على الزمن الخارجي بما هو وجودٌ ضعيف، فلِسَعي الأخير نحو الوجود الفعلي الذي لا يجد له علاجاً إلّا من خلال الأبدية.

The study of time has been affected by the Cartesian Cogito (which opposed the self to reality), and by the Kantian separation between natural time and time in its cognitive and lived sense. This brought about the alienation of reality in Husserl’s primacy of perceptual interpretation, and the alienation of faith and eternity in Heidegger’s method based on the primacy of Sein. As with the Islamic deliberation thesis, the flowing and

renewable time is real in its external existence, as does psychological time has reality in the mind, in its collective existence. If the soul, progressing in the path of existential perfection, has a headship on external time inasmuch as it is a weak existence, then it is because external time seeks its actual existence which cannot find its cure but by way of eternity.

افتتاحية العدد 5: الإيمان بين الجبر وخيار الاعتقاد

تحميل البحث: افتتاحية العدد 5

أمام مشهد السطوة التي تجتاح العالم والإنسان…

تحت نير البطش والقهر تارة…

وبريق كشوفات العلم تارة أخرى…

وسيادة منطق البقاء للأصلح والأقوى…

أمام سطوة امتدّت من مسارب العنف، أو الفكر، أو المال، أو التقنية…

ومن جبروت القاهر المتمادي في التّحدي، المعلن: ان انتصاره أمات الإله؛…

الآتي ليرفع لواء الآلة المدمّرة، والشك المدمّر، والوجدان الأجوف القاسي…

أمام عصر راق لأصحابه إطلاق عصر النهايات عليه…