مفهوم الجسد في فكر موريس ميرلوبونتي

تُمثّل الفِنُمِنولوجيا أحدَ موقفين – ثانيهما الديكارتيّة بمُحمَّلاتها الأفلاطونيّة – يُعبّران، في الغرب، عن الموقف من الجسد. ويقف ميرلوبونتي شاخصًا دالًّا على هذا الموقف، وإن احتفظ بتميّزه وخصوصيّاته. فالجسد، عند ميرلوبونتي، يحتضن، في بنيته الفِنُمِنولوجيّة، المعنى النهائيّ للوجود، فهو محرِّك الكائن في العالم. ولا يُعبَّر عن الذات، إن لم يكن للجسد دخالة. أمّا مورد الدخالة، فهو اشتماله على وظائف ثلاث أساسيّة (الحركة، النظر، والجنسانيّة)، وإن لم يمكن، بحال، أن يُختزَلَ إليها. وبهذه الوظائف يكون الجسد موردًا للمعرفة، ومحلًّا للانفتاح على الآخر، إذ لا معرفة، ولا انفتاح، دونما اختبار؛ ولا اختبار دون الجسد.

The attitude towards the body in the West is represented by two broad positions. One would be    Platonism-laden Cartesianism; the other Phenomenology.  Merleau-Ponty, while quite unique in his own right, is expressive of the phenomenological stance. He sees the body as retaining, in its phenomenological composition, the final meaning of existence; it moves the being-in-the-world. Such attributes are had by the body in virtue of its capacity to carry out three main functions – though it’s reducible to none: vision, movement and sexuality. Through these functions, it becomes a site for knowledge, a place for openness to the other. For no knowledge, or openness, can happen without experience, and no experience outside the body; the self can never be articulated were it not for the body.

الألم في فلسفة الأخلاق

يكاد طيف الألم يتبوّأ عنايةً ومحوريّة خاصّةً في دائرة القلق الإنسانيّ على صعيد الفرد والجماعة إبّان مقاربة المبادئ الأخلاقيّة في الفلسفات الشرقيّة منها والغربيّة، سواء بسواء. وهو بذلك يشكّل فيصلًا لا محيد عنه في بنية الفكر الأخلاقيّ، إذ يضطلع بوظيفة نحتيّة تكوينيّة، ليحفر بذلك المبدأ الأخلاقيّ إيّاه. ولمّا اكتسبت المبادئ الأخلاقيّة في القرون الوسطى بردةً مِتافيزيقيّةً محكمة، انتمت المبادئ الأخلاقيّة إلى منظومة عقيديّة محكمة رأت إلى اللذّة والألم على أنّهما خارج نطاق المادّة بما هي هي. ولئن طرحت بعض الفلسفات المشرقيّة تصوّرات لخلاص الفرد من آلامه، فإنّ بعض النظريّات الفلسفيّة الغربيّة نظّرت إلى قوننة الخلاص من الألم بما له بعد جماعيّ، ليصهر الأخلاق الفرديّة في سياق الجماعة.

آفاق التعدّد المنهجي في منظومة العقل الوحياني عند العلامة عبد الله الجوادي الآملي

لم يتمكّن أصحاب المنهج التجريبي إلّا أنْ يُخضعوا النفس الإنسانيّة العالِمة للتفكيك والتجزئة في المعرفة المُكتسبة، كما أخضعوها لثنائيّات المتعالي والدنيوي (الحسي)، حيث حصروا كلَّ العلوم مهما كانت موضوعاتها في السلسلة الأفقية العرْضية اتّكاءً على منظومة الوجود المنحصرة في عالَم المادّة والحسّ؛ أمّا العقل الوحياني عند الآملي فيرتبط بمنظومته التفكيرية في علم المعرفة، القائمة على التعدّد والغنى المعرفيَّيْن، حيث الوجود غير منحصرٍ في عالَم الحسّ والتجربة، بل يتعدّاه طوليًّا إلى عوالِم أخرى، فيعطي العقلَ الإنساني القدرة على إبداع الحلول للمشكلات المعرفيةّ المُستجدّة بحسب القدرة والقابلية الإنسانيَّتَيْن.

 

التحيّز المِتافيزيقي في اللغة

اللغة حالة وجودية خالصة، وليس للعدم دخالة في تحديد ما تتقوّم به، بخلاف الماهيّة التي تغاير الوجود وليست من سنخيّته. وإذا أخذنا بعين الاعتبار تعريف المِتافيزيقا لدى الفلاسفة، بدءًا من أرسطو حتى هايدغر، بأنها “تبحث في الموجود بما هو موجود”، نجد بأنّ اللغة تتكفّل في مراعاة قيد “بما هو موجود” بوصفها وجودية، ويمكن معها الحكاية عن الوجود من جهة موجوديّته، لا من جهة معدوميّته، كما هو الحال مع الماهية. على هذا، فإنّ فلسفة اللغة والتأويل تقف كطرح جدّي إزاء الفلسفات التقليدية التي استغرقت في جدليات الماهية والوجود، في تأخّر عن كلّ مستجدّات المبحث الفلسفي الراهن.

الحقيقة المِتافيزيقية بين حسّ الطبيعة وحدس الوجود

خصوصية الإنسان، هي في كونه ناطقاً، هكذا تمّ تمييز الإنسان عن مشاركاته في الجنس. والناطقية هي إدراك الكائنات؛ هي العقل والفكر والفلسفة، وكل أدواتنا في البحث عن الحقيقة. والحقيقة أوسع من أن تقع في مجال الإحساس الذي يشارك فيه الحيوان.

أمّا الكلّيات فهي على صنفين، كليات حاصلة بتجريد الحسّ، وهي تشكّل جوهر القضية الماهوية، وكليات حاصلة بانتزاع الذهن، وهي تشكّل جوهر القضية الفلسفية. والمِتافيزيقا تهتمّ بالتجاوز إلى الـ‘ما بعد‘ الذي يحتوي على الحقيقة؛ تجاوزَ إقصاء ونبذ، وبهذا المعنى، استُعملت في مجاوزة الأوهام والاعتباريّات، إلى الحقائق النوعية والوقائع الماهوية؛ وتجاوزَ ضمّ وشمول، وبهذا المعنى، ينبغي أن تُستعمل – كما توصي هذه المقالة – في مجاوزة الحسّيات والماهيات إلى الوجود، بوصفه مفهوماً فلسفياً أوّلياً لا ثانوياً.

الجذور الإلهية للحبّ الإنساني

ترجمة: محمد علي جرادي

يستعرض ويليام تشيتيك في مقاله نظرة ابن عربي للمحبّة في تفسيره الحديث القدسي: “كنت كنزًا لم أعرف فأحببت أن أُعرف، فخلقت الخلق، وتعرّفت إليهم فعرفوني” الوارد في كتاب الفتوحات المكيّة. هذه المحبّة لها فرعان: حبّ الله الذي هو أصل كلّ حبّ، والحبّ الإنساني المتمثّل بالأعدام المسمّاة بالأعيان الثابتة. حيث يرى ابن عربي أنّ الله لا يدرَك لذاته، لأنّ متعلّق الحبّ هو العدم، والله هو الوجود. وعلامة الإنسان الكامل في الحبّ الفقر الشامل الذي يدعوه لأن يحبّ كل الأشياء لأنّها تجلّيات الحقّ تعالى.

In this article, William Chittick presents Ibn ʿArabī’s view on love as displayed in his al-Futūḥāt al-makkiyya wherein he explains the divine saying, “I was a treasure that was not known, so I loved to be known. Hence I created the creatures and I made Myself known to them, and thus they came to know Me.” This love has two roots: divine love that is the origin of all love, and human love of nonexistents (aʿdām) or immutable entities (aʿyān thābita). For Ibn ʿArabī, God in His essence is unknowable because love is attached to nonexistent things, whereas God is existence itself. The sign of the Perfect Man’s (al-insān al-kāmil) love is absolute poverty (faqr) that causes him to love all things for being self-disclosures of the exalted Real.

الجعل في فلسفة صدر الدين الشيرازي

عرض الكاتب معنى الجعل عند صدر الدين الشيرازي، وبيّن الاختلاف في معناه ومبناه بين الفلاسفة لا سيّما في المدرستين المشّائيّة والإشراقيّة. كما ربط هذا المعنى بمبدأ أصالة الوجود وحقيقته الواحدة المسانخة للموجود، وفصّل في مراتب الوجود ووحدته التشكيكيّة التي هي واحدة من النتائج الأساسيّة لميتافيزيقا الوجود في الفلسفة الصدرائيّة.

هذا الجعل قسّمه الملّا صدرا إلى نوعين، جعل بسيط يفيد جعل الوجود النفسي، وجعل مؤلَّف أو مركَّب يفيد جعل الوجود الرابط. وترجع أهميّة مبحث الجعل إلى كونه يرتبط بإشكال الوجود والعدم، وإشكال العلّة والمعلول.

In this article, the author explains the meaning of instauration (al-jaʻl) for Ṣadr al-Dīn al-Shirāzī, pointing out the disagreement over this concept between philosophers, particularly of the peripatetic and illuminationist variety. Binʻathū connects this meaning with the principality of existence and its singular reality that is essentially homogenous with the existent (al-mawjūd), detailing existence’s degrees and its gradational unity. gradational unity is one of the main ramifications of the metaphysics of existence that distinguishes Ṣadrian philosophy. For his part, Mullā Ṣadrā divided instauration into two types: simple instauration (jaʿl basīt) that implies independent existence (al-wujūd al-nafsī) and complex instauration (jaʿl murakkab) that implies copulative existence (al-wujūd al-rābiṭ). The importance of the topic of instauration lies in the fact that it is tied to the issues of existence (al-wujūd) and non-existence (al-ʿadam) as well as cause (al-ʿilla) and effect (al-maʿlūl).

أصالة الوجود واعتبارية الماهية

تحميل البحث: أصالة الوجود واعتبارية الماهية

ترجمة: محمّد زراقط https://al-mahajja.org/author/mohamad-zaraket/

يتأسّسُ نسق ملا صدرا المِتافيزيقي (الحكمة المتعالية) على أصالة الوجود واعتبارية الماهية. وفي تبيانها لهذا المبدإ، تلفت هذه الدراسة، إلى “مغالطة مشهورة” مفادُها الخلط بين الذهن والواقع الخارجي والأحكام المرتبطة بهما. ثمّ تنتقل لتستعرض خلفيّة تبلور المبدإ المذكور والأدلّة الشاهدة عليه في تفصيلٍ لكامل حدودِ المشكلة وما يترتّب عليها من تفسيراتٍ أخذت مناحي الإفراط أو التفريط.

Mulla Sadra’s metaphysical system (Transcendental Theosophy) is built upon the fundamentality of existence and the subjectivity of quiddity. In its explanation of this principle, this study points to a ‘common error’, whereby the mind and external reality, along with their properties, are confused. It then proceeds to explore the evolvement of the said principle, and its substantiation in an exposition of the borders of the issue and the ensuing problems which tend to lie in an extreme or another.

الزمن وعودة الأبدية

تحميل البحث: الزمن وعودة الأبدية

تأثّر مبحثُ الزمن بالكوجيتو الديكارتي (الذي جعل الذات في قِبال الخارج)، وبالفصل الكانتيّ بين الزمن الطبيعيّ والزمن ببُعده الإدراكي والإنسانيّ المعيش، ما أدّى إلى إقصاء الواقع في أوّلية الإدراك التأويلي مع هُسرل، وتنحية الإيمان والأبدية في منهج هايدغر القائم على محوريّة كينونة الذات – هنا. أمّا بحسب الأطروحة التدبّرية الإسلامية، فإنّ للزمن السيّال والمتجدّد في وجوده الخارجي واقعية، كما للزمن الأنفسيّ في وجوده الجمْعي في الذهن واقعيّتُه. ولئن كان للنفس المترقّية في مدارج الوجود قيّوميتها على الزمن الخارجي بما هو وجودٌ ضعيف، فلِسَعي الأخير نحو الوجود الفعلي الذي لا يجد له علاجاً إلّا من خلال الأبدية.

The study of time has been affected by the Cartesian Cogito (which opposed the self to reality), and by the Kantian separation between natural time and time in its cognitive and lived sense. This brought about the alienation of reality in Husserl’s primacy of perceptual interpretation, and the alienation of faith and eternity in Heidegger’s method based on the primacy of Sein. As with the Islamic deliberation thesis, the flowing and

renewable time is real in its external existence, as does psychological time has reality in the mind, in its collective existence. If the soul, progressing in the path of existential perfection, has a headship on external time inasmuch as it is a weak existence, then it is because external time seeks its actual existence which cannot find its cure but by way of eternity.

قطب رحى الوجود؟ الإنسان في الرؤية الإنسانوية إبّان عصر النهضة

تحميل البحث: قطب رحى الوجود

ترجمة: محمّد زراقط https://al-mahajja.org/author/mohamad-zaraket/

الإنسانوية من العلامات الفارقة التي طبعت رؤية الحداثة إلى العالم، إلا أن ذلك لا يعني أن سائر المذاهب تحط من قيمة الإنسان، بل هو كائن محترم في أكثر المذاهب الفكرية والأديان السماوية؛ حيث تعطي للإنسان مكانة مرموقة بين سائر موجودات العالم. ومن الأديان التي تحترم الإنسان نشير إلى الإسلام حيث ورد في القرآن الكريم: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فيِ الأرضِ جَمِيعاً﴾.