وُجِّهت إلى المسيحيّة في صيغتها القروسطيّة نقود شتّى، ولعلّ أشدّها حضورًا إلى اليوم ما يُنسب إلى فريدريك نيتشه (1844-1900) الذي حمل على المنظومة اللاهوتيّة والمؤسّسة الكنسيّة سواء بسواء، مستهدفًا بذلك المرجعيّة الفكريّة والسلطويّة في الدين المسيحيّ. يبدي نيتشه تبرّمه من التصوّرات المسيحيّة خصوصًا في نبذها لبهجة الحياة واتّسامها بالكآبة والرتابة والخنوع، وقتلها الإبداع الإنسانيّ وكبتها لآفاق يمكن للبشر أن ينطلقوا إليها بعد أن يتحرّروا من الأوهام التي يأسرهم الدين في أسوارها. غير أنّ نيتشه لا يكتفي بالهدم، بل يجهد في رصد تحوّلات الفكر الإنسانيّ التي من شأنها تشييد صرح فكريّ يمكن له أن يستبدل المسيحيّة وإلهها الذي أعلن موته بأكثر من صورة. وفي الانعطفات الحادّة التي يمرّ بها فكر نيتشه في تحدّيه لمقولة الدين عمومًا، يتمخّض النقد تصوّرًا لعالم جديد ولإنسان جديد يفترق افتراقًا بيِّنًا عن ذاك الذي تتقلّبه أيدي المنظومة الدينيّة – المسيحيّة بشكل أخصّ؛ إنسان نيتشه الجديد متصالح مع هويّته، متفوّق، سيّد، ومطلق الحرّيّة في إرادته.
الوسم: موت الله
قراءة في كتاب “الإنسان من عصور التضليل إلى زمن القيام”
تحميل البحث: مناقشة كتاب الزمزي- قراءة دكتور علي الشامي
في قراءته النقدية لكتاب “الإنسان من عصور التضليل إلى زمن القيام”، يرى الدكتور علي الشامي أن الجهد المبذول فيه ليس سوى محاولة للخروج من دوّامة الهموم المعرفية التي لم يجد الإنسان على امتداد التاريخ سبيلاً للخروج منها، حيث يبقى الإنسان هاجساً للبحث في أسباب الوجود ومعانيه، في دلالاته وأسراره، وفي حقائقه ومتاهاته.