إنّ مقولة “الإيقاع” لصيقةٌ بالهُوَوِيَّة المكانيّة للذات، وهي صفة من صفات الماهيّة، قرينة بالذات اقتران المكان بها. فالإنسان بما هو كائن مكاني هو بالضرورة كائن إيقاعي بما يفترضه الإيقاع من وجود أبعاد وفضاء وحيّز، ومن علاقة بجسد وبحركة. والحركة ليست فعلًا فيزيقيًّا فحسب، بل تتجاوزه لتصبح ما به يكون الكائن كائنًا، ففي غياب الحركة يفنى الكيان؛ وما حضور الروح في الجسد، حتّى وإن كان فاقدًا للحركة العضويّة، إلّا حضورًا حركيًّا. وما الحياة إن لم تكن حركةً للروح في الجسد قبل كلّ شيء، فالحركة فعل إيقاعيّ.
تأخذ مسألة الإيقاع ودلالاته في اللطميّة الشيعيّة والرقص الصوفي بعدين؛ البعد المفاهيمي (مفهوم الإيقاع)، والبعد الدلالي الذي سنتقصّاه في المثالين؛ اللطميّة الشيعيّة والرقص الصوفي ممثّلًا في المولويّة. وما تسليط الضوء على هذين المثالين إلّا لكونهما يحلاّن من العمق الدلالي للكينونة، حلولًا يقع تغييبه عمدًا في الثقافة العربيّة لأسباب إيديولوجيّة وعقائديّة.