مبادئ الإبستمولوجيا في الفلسفة الإسلاميّة [1]

ترجمة محمود يونس

إنّ تحليل مفهوم المعرفة منطقيًّا يصل بنا إلى أنّ معنى موضوعيّة الموضوع تحليليّة، وتتجلّى في نفس تقوُّم المعرفة، وذلك لكون الموضوع ليس سوى ما هو ذاتيّ ولازم. أمّا الموضوع المتعدّي، وهو في العموم عرضيّ، فلا يشكّل اللبّ المقوِّم للوعي البشريّ. فلا يكون الموضوع المتعدّي مقوِّمًا إلّا في حالة المعرفة بموضوع خارجيّ. وهذه هي المعرفة الاكتسابيّة الحصوليّة في مقابل المعرفة الحضوريّة. لكن في حالة الصورة الأوّليّة للمعرفة، وهي المعرفة الحضوريّة، وفي نظريّة المعرفة بشكل عامّ، لا يكون الموضوع المتعدّي الخارجيّ جزءًا مقوِّمًا للمفهوم العامّ للمعرفة. فيترتّب على ذلك أنّ مفهوم المعرفة الحضوريّة، من حيث اتّصافه بالموضوعيّة الذاتيّة، يمكن شرحه وتسويغه من خلال الشكل الأساسيّ للمعرفة، دون وجود موضوع خارجيّ مادّيّ يحاكي موضوع المعرفة الحضوريّة الذاتيّ، وهو ينضوي في مقولة المعرفة من حيث هي معرفة، إذ هو إدراكيّ وموضوعيّ بطبيعته، وتتحقّق فيه كلّ شروط مفهوم المعرفة، رغم افتقاره إلى موضوع متعدّ عرضيّ.

Logically analyzing the concept of knowledge, a vital distinction between two aspects of objectivity is arrived at. The very constitution of knowledge necessitates an essential and immanent object. A transitive object, on the other hand, can only be constitutive in the case of knowledge of an external object. Such an object is, generally speaking, accidental, and such knowledge cannot be constitutive of the general concept of knowledge. Here is the primary distinction between knowledge by presence and knowledge by correspondence. The concept of knowledge by presence, being characterized by “subjective objectivity”, can be explained and justified through the fundamental form of knowledge, without the need for the existence of an external, material object corresponding to the subjective object of knowledge by presence. As such, it belongs to knowledge qua knowledge, for it is cognitive and objective by nature, and fulfills all the conditions of the notion of knowledge despite its lacking of an external transitive object.