دراسة في البُعد الوجودي للعلم عند الشيرازي: أصالة الحضور واعتبارية الحصول

استطاعت مدرسة الحكمة المتعالية أن تتقدّم أقرانها وتبزّ أسلافها في الدفع بالنقاشات الفلسفيّة، على اختلاف مستوياتها، إلى المدى الأقصى الذي يمكن لها أن تبلغه والذي كان متاحًا في زمن صدر الدين الشيرازيّ. ولذلك فإنّها حجزت لنفسها موقعًا في كلّ نقاش فلسفيّ في إطار الثقافة العربيّة-الإسلاميّة لا كتعليق أو شرح أو حاشية، بل كصاحب إسهام أساسيّ – وفريد أحيانًا – لا يمكن القفز فوقه. ويمكن استطلاع هذه الخصيصة في مباحث مؤسِّسة في فكر ملّا صدرا، من قبيل مسألة العلم والإدراك ممّا يمكن إدراجه ضمن عنوان “نظريّة المعرفة”. وتتجلّى قيمة النتاج الصدرائيّ في استيعاب مذهبه في “أصالة الوجود واعتباريّة الماهيّة” و”المراتب المشكّكة للوجود” لتلك المباحث، وإيجاد أجوبة لها تتناسب والأصل الفلسفيّ والمعرفيّ الذي تقوم عليه الحكمة المتعالية. وفي خطوة أبعد من مجرّد تكرار لازمة “اتّحاد العاقل والمعقول”، يحيل ملّا صدرا من خلال إسهاماته في مباحث الوجود الذهنيّ الإدراكَ إلى مرتبة وجوديّة ضروريّة للانتقال من علم حصوليّ يراه اعتباريًّا إلى علم حضوريّ – أرسخ – يراه أصيلًا.

The school of Transcendental Wisdom was able to surpass its peers and defeat its predecessors in championing philosophical debates, in their many levels, inasmuch as it could reach and to the most it could have in the time of Ṣaḍr ad-Dīn ash-Shīrāzī. Thus, it made a name for itself in every philosophical debate concerning Arab-Islamic culture, not as a margin, nor a commentary, nor an exegesis, but as a principle – and sometimes unique – contributor that cannot be overlooked. This trait can be seen in Mullā Ṣadrā’s original contributions in knowledge and cognition, which can be classified under the title of “epistemology”. The value of the Ṣadrā’s contribution is that his thought can accommodate the subjects of “the ontological primacy of existence,” and the “gradational stages of existence,” and find answers for them that go hand in hand with the philosophical and epistemological basis of Transcendental Wisdom. In a step further than repeating the “The unity of the intellect and the intelligible”, Mullā Ṣadrā refers to cognition, through his contributions in matters of mental existents, to an existential station that is essential to move from “knowledge by correspondence” to “knowledge by presence”, which he sees as precedent.

آفاق التعدّد المنهجي في منظومة العقل الوحياني عند العلامة عبد الله الجوادي الآملي

لم يتمكّن أصحاب المنهج التجريبي إلّا أنْ يُخضعوا النفس الإنسانيّة العالِمة للتفكيك والتجزئة في المعرفة المُكتسبة، كما أخضعوها لثنائيّات المتعالي والدنيوي (الحسي)، حيث حصروا كلَّ العلوم مهما كانت موضوعاتها في السلسلة الأفقية العرْضية اتّكاءً على منظومة الوجود المنحصرة في عالَم المادّة والحسّ؛ أمّا العقل الوحياني عند الآملي فيرتبط بمنظومته التفكيرية في علم المعرفة، القائمة على التعدّد والغنى المعرفيَّيْن، حيث الوجود غير منحصرٍ في عالَم الحسّ والتجربة، بل يتعدّاه طوليًّا إلى عوالِم أخرى، فيعطي العقلَ الإنساني القدرة على إبداع الحلول للمشكلات المعرفيةّ المُستجدّة بحسب القدرة والقابلية الإنسانيَّتَيْن.