يؤمن الفلاسفة اليونانيّون، وفي مقدّمتهم، أفلاطون، بأن ثمّة شروطًا صعبةً لتعليم الفلسفة، إذ يضطلع بها من بلغ سنّ الرشد حكرًا، ممّن راكم معرفةً. ولكن مع كانط، الذي ميّز بين الفلسفة والتفلسف، اتّخذت طريقة فهم الفلسفة منحًى آخر. فسهّل المنظور الكانطيّ إمكانيّة نقل الممارسة الفلسفيّة من المحتوى إلى الطريقة، وهذه الطريقة، إيّاها، هي القابلة للتعلّم للأطفال، ما إن يطرحوا أسئلة اللماذا أو الما هو، فيعمد المعلّم إلى تحويل المعرفة المعلّمة إلى موضوع نقاش فلسفيّ، مفتتحًا ذلك بسؤال، محاكاةً للمنهج السقراطيّ.
الكاتب: وفاء شعبان
أخلاقيّات المناقشة عند هابرماس من منظور الطبيعة الإنسانيّة
ينطلق هابرماس من السياق الاجتماعيّ الواقعيّ، على خلفيّة مناوئة لفلسفة التعالي، كيما يطرح فلسفةً أخلاقيّةً تقوم على المناقشة، وتكون مقدّمةً لاستعادة الإنسان لطبيعته. هو في ذلك يريد أن يقترح حلًّا لإشكاليّة العقل بغية دراسة شروط إمكان الفرد الاجتماعيّ، دون الخروج عن منظور الفهم الحديث للعالم. فيرى أنّ الحلّ هو في كبح جماح العقل الأداتيّ بجعله تواصليًّا. يوجّه هابرماس مشروعه، بالتالي، نحو كيفيّة إعادة إنشاء العلاقة التواصليّة بين الفردنة والاجتماع بما يصون العقل ولا يقدح في الحرّيّة، من جهة، ويحافظ، من جهة ثانية، على الكلّيّة والعمليّة معًا، من خلال ما يسمّيه “أخلاقيّات المناقشة”.
With contentions against transcendentalism, Habermas proceeds from the actual social context to put forth a moral philosophy grounded in discussion as a pretext to the restoration of human nature. Along these lines, he aims at proposing a solution for the problem of reason with a view of studying the conditions of possibility for the social individual, without straying from the perspective of the modern understanding of the world. Habermas holds that the solution is in curbing instrumental reason by rendering it communicative. He thus directs his project toward reformulating the communicative relation between individualism and social life, upholding reason and respecting freedom, on one hand, and preserving universality and practicality, on the other, through what he terms “the ethics of discussion.”