مفهوم السعادة في تفسير الميزان

لمّا كانت السعادة أمرًا تصبو إليه نفوس بني البشر، ولمّا كان تحصيلها غايةً يسعى أبناء النوع إلى بلوغها، فإن البحث في مسألة السعادة أخذ في مساعي الفلاسفة شطرًا كبيرًا. وقد تشعّب البحث هذا في منحيَين: (1) البحث في نفس مفهوم السعادة، و(2) البحث في كيفية تحصيلها. ومن بين الساعين في هذا المضمار قد يعتبر العلّامة الطباطبائي أحد أصحاب الطروحات الأكثر نضجًا لما لحظَهُ في مسعاه من نتاج السابقين عليه من الفلاسفة ولما أضافه إليها من آرائه الخاصة.

Islamic philosophers expounded thoroughly upon the very question of happiness inasmuch as it is the ultimate aim the human kind strives to achieve. The study of happiness, as such, ramifies into two different courses: (1) the study of the very concept of happiness and (2) the study of the ways that lead to happiness per se. Yet, al-ʿAllāmahaṭ-Ṭabṭabāʾī stands as a prominent figure amongst those scholars who once attempted to study happiness, introducing one of the most mature treatises in this vein through building upon the works of preceding philosophers and presenting his very views.

الألم في فلسفة الأخلاق

يكاد طيف الألم يتبوّأ عنايةً ومحوريّة خاصّةً في دائرة القلق الإنسانيّ على صعيد الفرد والجماعة إبّان مقاربة المبادئ الأخلاقيّة في الفلسفات الشرقيّة منها والغربيّة، سواء بسواء. وهو بذلك يشكّل فيصلًا لا محيد عنه في بنية الفكر الأخلاقيّ، إذ يضطلع بوظيفة نحتيّة تكوينيّة، ليحفر بذلك المبدأ الأخلاقيّ إيّاه. ولمّا اكتسبت المبادئ الأخلاقيّة في القرون الوسطى بردةً مِتافيزيقيّةً محكمة، انتمت المبادئ الأخلاقيّة إلى منظومة عقيديّة محكمة رأت إلى اللذّة والألم على أنّهما خارج نطاق المادّة بما هي هي. ولئن طرحت بعض الفلسفات المشرقيّة تصوّرات لخلاص الفرد من آلامه، فإنّ بعض النظريّات الفلسفيّة الغربيّة نظّرت إلى قوننة الخلاص من الألم بما له بعد جماعيّ، ليصهر الأخلاق الفرديّة في سياق الجماعة.

موقع الألم في فلسفة الحضارة

يكتسي الألم معنًى إيجابيًّا قبالة اللذّة، أو السعادة، التي تنطويان، فيما تنطويان عليه، على معنًى سلبيّ. يولّد الألم الأوّل في النفس حافزًا، كما يشكّل مثارًا للعقل لإعمال الفكر والبحث، فيما اللذّة تبعث على التواكل والاستكانة. والألم أصناف، إمّا ألم مادّيّ، أو معنويّ، أو معرفيّ. تشكّل صبغات الألم هذه، جميعًا، عوامل فاعلة في بناء الحضارة، وهي عوامل لا فكاك ولا انفصال فيها، بحيث يصعب عزل تأثير كلّ منها في الآخر.