النفس عند غريغوريوس أسقف نيصة: منشأها، وطبيعتها، وحياتها، وقرانها بالجسد

تحمل النفس في طبيعتها قبسًا إلهيًّا، فالإلهيّ منشأها، تشبه، وعلى صورته. ففي اللحظة التي تبرء فيها النفس ينشأ وصال يبنها وبين بيتها الأوّل. تقتات تلك النفس البشريّة على الحقّ والخير: الحقّ الذي يزكّي فيها الصبوة الدائمة إلى بلوغ الأنموذج الأوّل، والخير الذي يهذّب في نسيجها الروحيّ ميلًا نحو النافع والكامل الذي يرضي طبيعتها. للنفس منشأ يسمو على ما سواها في الجسم نفسه، ويقبع هذا المنشأ في الأولهة، فهي تشبه الله، وعلى صورته.

الألم في الأدبيّات المسيحيّة

الألم جزء من حياة الإنسان، من كيانه، ومن طبيعته البشريّة: إذ هو كائن روحيّ جسديّ. للإنسان بعدين، باطنيّ وخارجيّ، والألم الذي يحلّ في البعد الباطنيّ على مستوى المشاعر أعمق بكثير من الألم الذي يصيب الجسد الخارج. ليس الألم عقابًا إلهيًّا، إن هو إلّا علامة على ضعف الإنسان ومحدوديّته. في أثناء البسط لمبحث الألم يجب أن لا نبحث فيه بما هو هو، بل بما هو علامة على الضعف والمحدوديّة، كليهما. يظهر موقف الإنسان الرحيم تجاه المتألّم مجد الله ومحبّته للإنسان. وهكذا، يشارك المسيحيّ بالمعموديّة مسيرة المسيح بالحياة والموت والقيامة، انطلاقًا من عيد القيامة بما هو انتصار على الموت والألم. إنّما الألم الأكبر هو أن نتخلّى عن أنانيّتنا لنصلبها مع المسيح لننال ظفر القيامة.

الإنسان الحَبْريّ والإنسان البروميثيّ

كان للانقلاب البروميثيّ على السماء أثرًا وبيلًا على هذه الحياة الأرضيّة. فالإنسان، في قابليّاته التألّهيّة، محوريّ في هذا العالم، ويؤثّر في تناغمه. لذا يُطلق عليه، في العقائد الحكميّة، اسم الإنسان الحبريّ، أي الجسر بين الأرض والسماء. ولا يمكن فهم الإنسان، في غنى أبعاده، بمعزل عن التقليد الذي يرى فيه (1) حقيقةً أوّليّةً بُني العالم على صورتها، و(2) واسطة تنزّل الوحي، و(3) النموذج الأكمل للحياة المعنويّة. بالتالي، لا يمكن الكلام على الإنسانيّ بمعزل عن الإلهيّ المطبوع على جبينه، ولا يستطيع الإنسان تلمّس طريقه من دون هدي الشريعة ذات الوظيفة الكونيّة في نشر نور العرش وحفظ التناغم في هذا العالم.

The Promethean rebellion against the Divine had a detrimental effect on this earthly life. Man, in his theomorphic capacities, is central to this world, and very crucial to its harmony. The role he plays, according to sapiential literature, is that of a pontiff, a bridge between the earth and the heavens. It is this literature, the tradition, that paves the way towards understanding man in the multiplicity of his dimensions, inasmuch as it sees in him (1) a primordial truth upon whose image the universe was created, (2) a means for the relaying of  revelation, and (3) the most perfect archetype of spiritual life. Accordingly, man cannot be tackled while the Divine mark impregnated in him is ignored. Man cannot find his way without the guidance of a Divine law, whose cosmic function it is to spread the light of the Divine throne, and preserve the harmony of the universe