إن الحبّ إلّا عضد العلاقة التي تجمع الإنسان بمصدره الذي هو الله. وقد بسطت الأدبيّات الإسلاميّة لمحوريّة مبحث الحبّ من حيث هو منهج سلوكيّ يؤكّد أن لا بدّ لأيّ منظومة، معرفيّة وعملانيّة، من مرتكز فلسفيّ مِتافيزيقيّ، ورؤية دينيّة تأسيسيّة. يمثّل الحبّ تمام الحقيقة الإلهيّة في ذاتها وروابطها وتجلّياتها، وهو، في مِتافيزيقا الفلسفة الإسلاميّة، يمثّل صنو الحياة الذي يسري في كينونة كلّ موجود بجدل من العشق والشوق.
التصنيف: بحوث ودراسات
تصدير أوّليّ حول المباحث المنطقيّة في فِنومِنولوجيا هوسرل
شكّلت ترجمة كتاب مباحث منطقيّة، لإدموند هوسرل، إلى لغة الضادّ أثرًا، لا يُستهان به، على الاشتغال الفلسفيّ العربيّ. يبسط هذا البحث، مستفيدًا من مقدّرات اللغة العربيّة، لعناصر الفكر الفلسفيّ الفِنومِنولوجيّ، كما وضعه هوسرل. طمح هوسرل إلى تأسيس قواعد للمعرفة، متّخذًا من الفِنومِنولوجيا ملاكًا لذلك، من أجل أن تصبح علمًا قبليًّا لا علمًا أمبيريًّا أو تجريبيًّا وقائعيًّا فحسب؛ على غرار بعض مدارس الفكر الفلسفيّ العربيّ الكلاسيكيّ التي أكّدت على أسبقيّة الماهيّة وأصالتها بدلًا من أسبقيّة الوجود العينيّ الخارجيّ الوقائعيّ وأصالته.
ضعف الترويج للعرفان الشيعيّ عامل هامّ في انتشار العرفان الكاذب
ترجمة عليّ الحاج حسن
يبسط الدكتور محمّد فنائي الأشكوري، وهو أستاذ في الفلسفة في مؤسّسة الإمام الخميني، قدّس سرّه، الحديث في هذا الحوار عن العرفان ببعده الشرّانيّ الداخليّ، وبما هو معرفة باطنيّة، وميل باطنيّ، ونزوع نحو معرفة الله. ميل لا يختصّ بثقافة محدّدة، بل مشترك بين البشر، كلّ البشر، فهو مبنيّ على فطرة معرفة الله، وكذا هو الجزء الطوليّ لا العرضيّ للدين. وبالتالي فإنّ المعرفة والميل مبنيا العرفان. والمعرفة العرفانيّة معرفة شهوديّة من حيث هي ملاقاة مباشرة مع الله ومظاهره. والقلب مهماز العرفان، هو هو الذي يصيّر عباداتنا عبادات عرفانيّة. ومن ثمّ يخلص الأشكوري إلى أنّه يجب أن لا نطلق اسم العرفان على المدارس المعاصرة التي تحمل اسم العرفان، إذ لا حديث فيها عن الشهود، ولا عن التجربة الباطنيّة، ولا عن السير والسلوك، بل هي تشبه العرفان في الظاهر، وهذا هو عين العرفان الكاذب الذي يدور رحاه في الغالب حول الأمور الدنيويّة.
“مجتمع مدنيّ”: تاريخ كلمة
ترجمة عليّ يوسف
لم يعرف مفهوم المجتمع المدنيّ ثباتًا في معناه. فقد تبدّل وتحوّل، على الدوام، على مرّ التاريخ. إذ دلّ، بدايةً، على الدولة، ومن ثمّ بات يقصد به المجتمع الخاصّ بما هو مجال يلاحق فيه أفراد المجتمع مصالحهم المشتركة، ليدلّ، بعدها، على تكتّل أو كيان ما بعيدًا من الدولة. حتّى أنّ البعض عرّف المجتمع المدنيّ بما هو مقابل للدولة – لا يتضايف معها على الإطلاق. فالدولة هي التي تشكّل آلة إكراه، فتبيت، إذ ذاك، جسمًا سياسيًّا بما هو سلبيّ، بعكس المجتمع المدنيّ الذي يشكّل لحمةً، يجمع في ثناياه الفرد، بما هو مواطن، ليحقّق رفاهه وأمنه، بمعزل عن القمع والإكراه.
عبد الرحمن بدوي والاتّجاه الوجوديّ
تعتبر الوجوديّة مدرسةً فكريّةً هامّةً شغلت الساحة الثقافيّة والفكريّة لفترة زمنيّة، وكان لها ممثّلوها ومنظّروها ومجلّاتها. إذ حاولت أن تقدّم نفسها بديلًا فكريًّا ملائمًا للمجتمعات العربيّة الإسلاميّة. سيقدّم هذا البحث قراءةً نقديّةً لهذا المشروع عبر أبرز ممثّليه، وهو عبد الرحمن بدوي. لم يكن هذا الاختيار، في الواقع، عبثيًّا، إنّما انطلق من خصوصيّة هذه الشخصيّة التي عملت على تسويغ المشروع في إطار إسلاميّ عبر إيجاد أصول فكريّة إسلاميّة له، تقدّم الدعامة المرجعيّة والتراثيّة له، ما جعله مقبولًا خارج الحاضنة التي ولد فيها. هذا فضلًا عن تقديمها الكثير من الأفكار التي ميّزته عن الوجوديّة الغربيّة، ما جعله فيلسوفًا له مساحة من التمايز والخصوصيّة يستطيع هذا البحث أن يبني عليها، ليتكلّم عن مشروع فكريّ له خصائصه، ورؤيته، ومواقفه المتميّزة.
نحو فلسفة القيم الحضاريّة مساهمة إسلاميّة
لقد تجاوز العقل الإصطلاحيّ، كما التحليليّ، في تحديده لمعنى الحضارة الفروقات البشريّة بين الأجناس، والأعراق، والألوان. حتّى أثمر ذلك تجاوزًا لأصناف الحضارات المعتمدة قديمًا، وأخذ يفرّق بين الحضارة والحضارات. فالأصل في البناء الحضاريّ هو تراكم الجهد البشريّ والمعرفة البشريّة في سياق تاريخيّ منتظم، يضفي على هذا الجهد هويّةً خاصّةً نابعةً من القصديّة الإراديّة أو القصديّة الطبعيّة عند أمّة واحدة. وهذا ما يسمّى بالقيم التراكميّة التي تشتغل بمفاعيل التاريخ والزمن. وبالتالي، يصبح التاريخ ملاكًا لفهم الحضارة. أمّا العقل الغربيّ فقد ميّز بين الحضارات وبين الحضارة بلحاظ المعايير التي وضعتها الحضارة الغربيّة. فظهرت ملاكات وقيم محدّدة لما هو حضاريّ، ممّا ليس بحضاريّ. فهل للحضارة مقاييس؟ وهل ثَمَّ معايير تحكم على إنسان أو جماعة بالتحضّر؟ وما هي الغايات الحضاريّة الكبرى؟
الطبيعة البشريّة: العدالة في مقابل القوّة
نقاش بين نوام تشومسكي وميشال فوكو
أدار النقاش فونس إلدرز
ترجمة عليّ يوسف ومحمّد عليّ جرادي
لئن شكّلت اللغة، أو الخطاب، نقطة الانطلاق في النقاش حول الطبيعة البشريّة بين تشومسكي وفوكو، فإنّ بؤرة النقاش كانت التداعيات السياسيّة للتصوّرات المختلفة حول هذه الطبيعة. إذ يعتبر تشومسكي أنّه يجب على كلّ مجتمع أن ينهض بنزعة الخلّاقيّة المتجذّرة في الطبيعة البشريّة بالتغلّب على عناصر السيطرة والاستبداد السياسيّ، وبالتالي تنظيم تشكيلات حرّة للأفراد ترعى خاصيّة الخلّاقيّة تلك، فيما يرى فوكو أنّ المهمّة السياسيّة الأولى تكمن في نقد المؤسّسات الاقتصاديّة التي تبدو حياديّةً، ليتمّ، إذ ذاك، القضاء على سلطة الطبقة الحاكمة المسيطرة بفعل هذه المؤسّسات
ما الفلسفة؟
جيل دولوز وفِليكس غتاري
ترجمة جمال نعيم
الفلسفة، في نظر دولوز، هي فنّ اختراع الأفاهيم وابتكارها وصنعها، أو هي بالأحرى فنّ إبداع الأفاهيم. والأفهوم هو فعل فكريّ محض، يعبّر عن فكر ضروري، ويكون بمثابة إجابة عن مسألة جديدة يتمّ ابتداعها في الفلسفة. وهو، بهذا المعنى، منشئ للمعرفة أكثر ممّا هو حصيلة لها. فالفلسفة ليست بحثًا عن الجقيقة، والحقيقة الفلسفيّة ليست مطابقة القول للواقع، لأنّه لكل أفهوم حقيقة خاصّة به بالنسبة إلى الأفق المتحرّك الذي ينشأ فيه، أو بالأحرى بالنسبة إلى الحدس الأساسي لدى الفيلسوف. الفلسفة، إذًا، نشاط منتج لكيانات خاصّة بها، وبذلك، تتميّز الفلسفة عن العلوم والفنون التي ليست بحاجة إلى الفلسفة لتقوم، والتي تهتمّ بإبداعاتها الخاصّة بها، والتي من خلالها تفكر الإنسان والحياة والكون. ومع ذلك، هناك صلاتٌ يمكن أن نتشأ بين الفلسفة والعلوم والفنون.
Philosophy, according to Deleuze, is the art of inventing and constructing concepts. It is rather the art of creating concepts. For a concept is a pure mental act, expressive of necessary thought, and comes about as an answer to a new issue, created in philosophy. In this sense, it founds knowledge, rather than being its outcome. Philosophy is not a search for truth, nor is philosophical truth that wherewith thought (or speech) corresponds to reality; each concept has its own reality as to the dynamic plane wherefrom it originates, rather as to the principle intuition of the philosopher. Philosophy, then, is an activity that produces entities of its own, and as such, is distinguished from the [other] arts and sciences. These do not need philosophy to stand. They are rather concerned with their own constructed entities through which they think man, life and the universe. Still, ties between philosophy and the arts and sciences can always come to be.
أزمة هويّة عند مثقّفي حلقة “كيان” الإيرانيّة
السيّد محمّد المرندي وزُهرة خوارزمي
ترجمة فاطمة زراقط
برز الفكر المناوئ للهيمنة، والمستقلّ إلى حدّ بعيد عن “الغرب”، كأحد أبرز مكوّنات الخطاب الفكري في إيران ما بعد الثورة. بيد أنّ هذه الاستقلاليّة تعرّضت للكثير من المساءلة في الدوائر الأكاديميّة الإيرانيّة، وبخاصّة منها ما آمن، بقوّة، بمبادئ الديمقراطيّة الليبراليّة الأميركيّة وقيمها. وليست حلقة كيان سوى واحدة من هذه الحلقات التي أبصرت النور في ثمانينات القرن الماضي، وقوي عضدها في ظلّ حكم الرئيس خاتمي. وتعدّ من التيّارات التي لا يُستهان بها لتأثيرها الذي يتجاوز عددًا من الأوساط الإيرانيّة المثقّفة ليطال أوساطًا غربيّة مخلّفًا سوء قراءة غربيّة للمجتمع الإيراني جرّاء المكانة المبالغ فيها التي حظيت بها هذه الحلقة في الغرب.
The Kiyan circle represents a major element of the Iranian intellectual scene in the post-revolution era. Having started as a radical group which came to be strongly represented in government, and had its influence even beyond the intellectual sphere, the circle changed tracks. While anti-hegemonic thought marked much of the group’s earlier discourse, the circle leaned, in its later stages, towards liberal democratic themes and values. Analyzing the definition of the “intellectual” as it was developed by the circle members, and as it was repeatedly modified towards higher levels of detachment from the local, and enchantment with modernist ideals, underpins the ideological shifts that marked the circle, and brings insights into what brought about these shifts.
مبادئ الإبستمولوجيا في الفلسفة الإسلاميّة [2]
ترجمة محمود يونس
تمتاز المعرفة الحضوريّة بموضوع ذاتي، فلا مجال فيها للمحاكاة لغياب الموضوع الموضوعيّ. وبالتالي، لا تصدق قسمة التصوّر والتصديق المنطقيّة بحقّها، كما لا تصدق قسمة الصدق والكذب، بمعناها المنطقي، كذلك. فالصدق في المعرفة الحضوريّة مرتبة وجوديّة هي عينها الأنا الإنشائيّة التي، إذ تعرف نفسها بالحضور، تعرف موضوعها بالكتساب، بل هي تنشئ صور موضوعاتها في ذاتها بالإضافة الإشراقيّة. وهي، بالتالي، حاضرة في كل فعل معرفيّ حصولي قصدي، ولا يمكن أن نجعل هذا الفعل القصدي دليلًا عليها، بل هي دليله ومقوّمه.
Since knowledge by presence is characterized by a “subjective objectivity,” no correspondence is tenable for the lack of an objective object. For the want of correspondence, the logical opposition of truth and falsehood cannot be said to apply to knowledge by presence, neither is the opposition of knowledge by “conception” and knowledge by “belief” celebrated in classical Islamic philosophy. Truth, in knowledge by presence, is more of a state, or stage, of being, which is one and the same with the invariable, performative “I,” which, by virtue of knowing itself by presence, knows its object by correspondence. It generates within itself the images of its objects by way of “illuminative relation.” As such, it is always present in every epistemic, intentional, act. It is a fundamental error to bring in such an intentional act as evidence for the existence of the self. The self is, rather, the evidence for such an act, and constitutive of it.