رمزيتا الماء والنار في الأساطير والأديان

تبوّأت المياه والنار منزلة مهمّة في حياة الشعوب البائدة، والحضارات القديمة. فالمياه هي مصدر الحياة؛ لذلك قدّسها الإنسان. فالفكر الإغريقي يرى أنّ الماء أصل الكون؛ لذلك حظي بآيات تبجيل دينيّة، واعتقد المصريّون أنّ الإله رع أوّل من خرج من المياه الأولى. وأمّا السومريّون فإنّ البداية المائيّة عندهم موجودة في فكرة الإينوماإليش. باختصار، لقد اعتقد الإنسان الأوّل في قدسيّة المياه، واعتبرها إلهًا، آمن بقوّته وقدرته وسخائه وبطشه، فعلّق المرء استيهاماته على هذا العنصر الطبيعي، وعدّه ملاذه الآمن، فجعله رمزًا دالًّا على الخلق، واستمرار الحياة، أو الطهارة، الجسديّة منها والروحيّة، ورمزًا دالًّا أيضًا على الثواب والعقاب. وهي دلالات حملها الإنسان للماء، مثلما تبرزها الأساطير أو النصوص الدينيّة المقدّسة. كما قدّس الإنسان الدينيّ أيضًا النار كالماء تمامًا، فاعتقد فيها وعدّها رمزًا للحضور الإلهيّ بين البشر، ورمزًا للبعث المتجدّد.

الرمزيّة مبدأً لاهوتيًّا

يتناول الكاتب في هذا المقال الرمزيّة، بوصفها مبدأً لاهوتيًّا في فلسفة الدين، متحدّثًا عن الصور الشعريّة في لغة الدين عمومًا. لكنّ اللغة الشعريّة واللغة الدينيّة تختلفان اختلافًا جذريًّا في نهاية المطاف، وذلك لأنّ لغة الدين تتناول الشيء في ذاته (noumenal)، ولغة الشعر تتناول الظواهريّ (phenomenal). وينحو التوجّه المعاصر إلى القول إنّ الدين ما دام متماهيًا مع الشعر، فهو متماه مع الأسطورة: صحيح أن علاقةً تربط الدين والأسطورة، لكنّها ليست علاقة ارتباط ذاتيّ، لا سيّما أنّ القدح بالأسطورة، على أنّها نوع من الكذب، يجعل من استخدام هذا المصطلح أمرًا خطيرًا. من ناحية أخرى، يجمع علماء اللاهوت والفلاسفة الممحّصون على أنّ الدين الوضعيّ لا وجود له من دون عناصر أسطوريّة بالمعنى الفلسفيّ لكلمة أسطورة، التي تكتسب، في الوعي الدينيّ، معنًى جديدًا؛ لتصير أمرًا رمزيًّا. في هذا المقال، يرمي الكاتب إلى البحث في لغة الدين من أجل فهم العنصر الرمزيّ الكامن في الدين واللاهوت معًا، معتمدًا على محوريّة الرمزيّة في اللغة عمومًا.

عبد الوهّاب البياتي .. رموز وأقنعة

يعرض المقال ما ابتدعه عبد الوهّاب البياتي من رموز ودلالات ضمن عناوين أربعة: الأوّل، هو الرمز الصوفي والشعري على منوال المتصوّفة بإنشاء معجم رموز خاصّ به، والثاني، الإنسان البطل القادر على إنقاذ البشريّة من العذاب. والعنوان الثالث هو بغـدادُ، وما تمثّله عنـد البيـاتـي من كونها محـور الوجـود، والنّقطـة التي تتقاطـع عندهـا الأزمنـة والأمكنـة. ثمّ نقلت الباحثة في العنوان الرابع إلى نظرة عبد الوهّاب إلى جبل قاسيّون في دمشق، وارتباطه بابن عربي، ووجد البياتي حلقة وصل بين بغداد ودمشق كما هي بين الحلّاج وابن عربي، وكما هي بين مكان ولادته ومدفنه، حلقة تلخّص رحلة حياة مليئة بالرموز والأقنعة التي رسّخها في نصوصه.

الشّجرة والإنسان رموزيّة تشابهات وتعالقات وتفاعلات

يعرض الكاتب رمزيّة الشجرة بما جسّدته في الثقافات القديمة والحديثة. فهي التي توحّد الأضداد، وتربط السافل بالمتعالي، وهي العالم الحيّ المتجدّد باستمرار. وهي التي غلّفت بوجودها كينونة الإنسان من المبتدأ إلى المنتهى، وتلبَّست حياته بها من أوَّل الخلق إلى آخر مراحل وجوده. كما ترمز أغصان الشّجرة – برأيه – إلى المجتمعات، وترمز أوراقها وثمارها إلى الحياة الجميلة والمتألّقة والهانئة. وترمز شجرة الحياة أيضًا في الأديان إلى مصادر البركة العظيمة في حياة الإنسان، وإلى الفردوس والحياة والمعرفة.

المقاربة الفينومينولوجيّة لمفهوم الرمز إطلالة عامّة بين النظرية والتطبيق

يهدف البحث إلى رصد الرؤى والأفكار التي طرحت حول مفهوم الرمز في العلوم الإنسانيّة والأنتروبولوجيا – في صيغتها الفينومينولوجيّة – بشكل خاص، ولذا فهو يصنّف ضمن البحوث الرصدية الوصفية، من دون البحوث المعيارية التي تهدف إلى بيان الصواب من الخطأ في التعامل مع قضية الرمز ومفهومه.

عرض الكاتب ثلاثة اتجاهات أساسيّة، اهتمّت بتحليل الرموز في العلوم الإنسانية، وهي: الاتجاه الوضعي المنطقي، ورائده رودولف كارناب، والظاهراتيّة اللغويّة، ورائدها إدموند هوسرل، وفلسفة اللغة العاديّة، ورائدها فتغنشتاين. ثمّ بيّن ارتباط الرمز بالبحث عن التجربة الدينيّة، عبر عرض نموذج من تحليل الرموز، وهو التحليل الأنتربولوجي للعمارة الدينيّة، وعمارة المسجد بشكل خاصّ.

قراءة تأويليّة لحركيّة الرمز في قصّة سلامان وآبسال لابن سينا

يعرض البحث قراءة تأويليّة لحركيّة الرمز عند ابن سينا في قصّة سلامان وأبسال، حيث استقرأ الباحث البُعد العرفاني فيها، الرامي إلى ولوج عالم الروح والباطن، واستنطاق النص بغية إيجاد المعاني العميقة والرموز الدلاليّة التي أرادها الكاتب، وتحرّى عنها الباحث.

فالقصّة، بما هي نص كتابي، تخضع لكشف دلالي رمزي من المتلقّي، وإن كانت عبارة عن تجربة ذاتيّة من الكاتب نفسه. بدأ الكاتب بتحليل شكل بناء القصّة، بما يمثّل من مدخليّة سنديّة للنصّ. وحلّل الشخصيّات التي تبنّاها ابن سينا، وكذلك الأحداث، وزمان تتابعها، ليصل إلى تحليل رمزي لعناصر القصّة، والمبدأ الذي أراده ابن سينا في نصّه.

مفهوم الرمز بين المنطق الأرسطيّ والمنطق الرمزيّ

يعالج البحث الفروقات بين الرمز في المنطقين الأرسطي والرمزي. فالمعنى اللغوي للرمز هو المعنى الإشاري، فيما يدلّ استعمال الرمز في المنطق الصوريّ على أنّه أداتيّ، يرتكز على التوضيح والإيجاز، بخلاف ما ذهب إليه المنطق الرمزي الذي حاول أن يتجاوز البعد التوضيحي من خلال ترميز الروابط، وبناء الأنساق. وعرض الباحث نماذج من استعمالات الرموز في المنطق الصوريّ. كما بيّن أنّ المبادئ التصوّريّة والتصديقيّة في المنطق الصوريّ ممهّدة للمبادئ التصوّريّة والتصديقيّة في العلوم الإنسانيّة، بخلاف المنطق الرمزي الذي يتمحور حول الرمز، لا حول المفاهيم.

الرمز يفضي إلى التفكير

عنوان البحث: الرمز يفضي إلى التفكير

ترجمة: عفيف عثمان 

يقدّم المقال نظرة بول ريكور إلى مفهوم الرمز، معرّجًا على آراء العلماء، من مرسيا ألياد، إلى يونغ وفرويد وهسرل وهيغل وبيغين وسارتر وباشلار وغيرهم. ثمّ يحلّل الرمز، بناءً على نظرتين: الأولى اعتباره من صنف العلامات التي تنضوي على قصديّة مزدوجة:حرفيّة ومقدّسة، والثانية مجازيّة بلاغيّة أدبيّة، وهو بعيد عن مقصود الرمز في المنطق الرمزي الصوري. ويقسّم فلسفة الرمز إلى ثلاث مراحل، هي: الظاهراتيّة، والتأويل، والرمز الذي يفضي برأيه إلى التفكير والتفسير الخلّاق المبدع.

منهجية ويليام تشيتيك في دراسة وتفسير النصوص العرفانية والصوفية

ترجمة: جاد الله أحمد

يسعى هذا المقال لدراسة وشرح نهج ويليام تشيتك المستشرق البارز المعاصر في دراسة وتفسير النصوص الحكمية والعرفانية.

يحاول تشيتك مع انتقاده لأداء مجموعة من المستشرقين أن يستخدم منهج هرمنيوطيقا محورية المؤلف لتفسير النصوص، وفهم مقاصد المؤلف بما يتناسب مع الثقافة الإسلامية.

في هذه المقالة تُعرض عيوب الدراسات الحكمية والعرفانية من وجهة نظر تشيتك، وبيان أصلها، ويتم أيضًا شرح معاييره العملية لتفسير مجموعة النصوص هذه، بالإشارة إلى العناصر الرئيسية للمنهج الهرمنيوطيقي، وأهمها: دراسة علاقات النص ونسبه، معرفة مرتكزات أفكار المؤلف وتعاليمه الرئيسية، مقارنة آراء الأعلام ذوي الخبرة، الانتباه إلى الافتراضات الواحدة والأساليب المختلفة، الانتباه إلى لوازم المعاني الاصطلاحية، معرفة الأبعاد الوجودية والشخصية للمؤلف وعمله، التعرض المباشر للنص، الانتباه إلى العلاقة العضوية في النص، الانتباه إلى الأبعاد المختلفة للقضية، الانتباه إلى سياق النص، الانسجام الذهني مع المؤلف، الاستفادة من تقنية طرح السؤال المناسب، تحديد القضايا الأساسية للمؤلف ومجالات الأفكار والتعاليم.

 This article seeks to study and explain the methodology of the prominent contemporary orientalist William Chittick in studying and explicating sapiential and mystical texts. In critiquing a number of Orientalists, Chittick seeks to employ the methodology of psychological hermeneutics to explain texts and understand the aims of the authors in line with Islamic understanding. This article displays the faults of sapiential and mystical studies from Chittick’s viewpoint as well as the origin of these faults. It also clarifies his scholarly standards of interpreting these texts while pointing out the main elements of this hermeneutical methodology. The most important of these elements are studying the relations and genealogy of the text, knowing the fundaments of the authors’ ideas and teachings, comparing the opinions of experienced, renowned scholars, paying attention to singular assumptions and various methods, paying attention to terminological meanings, knowing the ontological and personal dimensions of the author and his work, handling the text directly, noting organic relations within the text, noting the different dimensions of the matter at hand, paying attention to the context, mental harmony with the author, asking the right questions, and determining the key issues for the author and the scope of his ideas and teachings.

التوازن والتحقيق: النفس والكون عند ويليام تشيتيك

ترجمة: ديما المعلم

لم يكن تشيتيك من المهتمّين بالنقاشات حول الفكر الإسلاميّ بكونها، ببساطة، بقايا من التاريخ الفكريّ ما قبل الحديث، بل إنّه يجعل من معرفته الواسعة  في المجال الفكريّ الإسلاميّ منصّةً يعالج عبرها مجموعةً من القضايا المعاصرة.  وفي هذا المقال القصير، يتناول الباحث كتابات تشيتيك عن النفس في ظلّ مقاربته لموضوع الكوزمولوجيا؛ حيث يؤكّد تشيتيك أنّ التعاليم الكوزمولوجيّة الإسلاميّة ليست طرائق قد عفا عليها الزمن للنظر إلى الكون وعلاقتنا به، بل هي ما زالت مرتبطةً بموضوع النفس في يومنا هذا بقدر ما كانت مرتبطةً به في ما مضى من الأيّام.

William Chittick, currently Professor of Religious Studies at the State University of New York (Stony Brook), is an internationally renowned expert on Islamic thought. His contributions to the fields of Sufism and Islamic philosophy have helped paint a clearer picture of the intellectual and spiritual landscape of Islamic civilization from the 7th/13th century onwards. Yet Chittick is not simply concerned with discussions in Islamic thought as artifacts of premodern intellectual history. His vast knowledge of the Islamic intellectual tradition serves as the platform from which he seeks to address a broad range of contemporary issues. In this short essay, I will outline Chittick‟s writings on the self within the context of his treatment of cosmology. Rather than being outdated ways of looking at the universe and our relationship to it, Chittick argues that traditional Islamic cosmological teachings are just as pertinent to the question of the self today as they were yesterday.