الله والدين في مرآة الإلحاديين الجدد

ما الذي يمكن أن يكون عليه القول في مسألة الإلحاد؟ وهل هناك ما يسوّغ للبحث وسط ركام من ادعاءات لا يجمع بينها سوى طموح جامح؟ هل نبحث في مشكل فلسفي أم ديني أو مجرد ظاهرة اجتماعية أو نفسية؟ ألا يتضمن بحثنا اعترافًا مسبقًا بوجود مسألة جديرة بالتمثل والفحص كإشكالية راهنة، أم أن الإلحاد الجديد – على الرغم من إلحاح المعالجة – لا يعدو في مجمله الزبد الذي يطفو على هامش الواقع الديني قبل أن يذهب جفاءً؟ ألا يفترض إحالة البحث لعلماء الاجتماع أو النفس بأن يترصدوه بالدراسة دون أن يرقى لمستوى الإشكالية الفكرية التي تجاري الاهتمامات الكلية للبشر؟ هل يمتلك الإلحاد أصالةً في مقابل الدين تدفع للبحث فيه من منطلق الندية كما يدعي أتباعه، أم أنه لا يتجاوز في كينونته المعاصرة ذلك العبث التشكيكي الذي لا يكل عن محاولة نشر غسيله على جدار اليقينيات والإيمان الديني؟

What can be said about atheism? Is there any justification for rummaging in a pile of allegations that share nothing in common but wild ambition? Are we looking into a philosophical or religious problem or nothing more than a social or psychological phenomenon? Is this paper not an implicit admission of this matter being worthy of examination as an established problem, or is modern Atheism – despite incessant attempts to address it – nothing but the scum that floats on the sidelines of religious reality before it leaves as dross? Would this matter not best be relegated to social scientists or psychologists who would study it without it rising to the station of intellectual problems that address man’s general concerns? Does atheism possess authenticity vis-à-vis religion that warrants driving investigation into it on equal grounds with religion, just as its followers claim? Or does its contemporary state not surpass the skeptical absurdism that continues to hang its dirty laundry on the wall of certainties and religious belief?

النفس عند غريغوريوس أسقف نيصة: منشأها، وطبيعتها، وحياتها، وقرانها بالجسد

تحمل النفس في طبيعتها قبسًا إلهيًّا، فالإلهيّ منشأها، تشبه، وعلى صورته. ففي اللحظة التي تبرء فيها النفس ينشأ وصال يبنها وبين بيتها الأوّل. تقتات تلك النفس البشريّة على الحقّ والخير: الحقّ الذي يزكّي فيها الصبوة الدائمة إلى بلوغ الأنموذج الأوّل، والخير الذي يهذّب في نسيجها الروحيّ ميلًا نحو النافع والكامل الذي يرضي طبيعتها. للنفس منشأ يسمو على ما سواها في الجسم نفسه، ويقبع هذا المنشأ في الأولهة، فهي تشبه الله، وعلى صورته.

الإنسان من خلال الطبيعة والشخص والفطرة

الإنسان، في التقليد المنطقيّ الشائع، عبارة عن “جسم نامٍ، حسّاس، متحرّك بالإرادة، ناطق”. ويحتوي هذا التعريف على أهمّ العناصر التي شغلت التفكير الفلسفيّ والعلميّ قديمًا وحديثًا بوصفها مقوّمات الطبيعة الإنسانيّة، نظرًا لتضمّنه الأبعاد المادّيّة والروحيّة من الشعور والإرادة والوعي، وذلك على الرغم من اختلاف الآراء حول المعايير والضوابط التي قد تتفاوت من جهة احتوائها على جميع الأبعاد الآنفة، أو اقتصارها على بعد دون آخر، وكذلك الاختلاف في تصوير علائقها وكيفيّة ارتباطها. بيد أنّه ثمّة نزوع، في تفسير الإنسان، ينحو إلى إغفال الطبيعة الكلّيّة، من خلال الحكم على الإنسان كشخص، وهو منظور يحيل الإنسان إلى مجموعة من الأوضاع التي يتمّ وصفها عادةً بأنّها أوضاع إنسانيّة، إلّا أنّه يخفق في القبض على الأسس العميقة التي تتحدّد على أساسها بنية الإنسان من خلال الكشف عن الدوافع الأصيلة والكامنة فيه.

Man, according to the mainstream logical tradition, is a “growing, animate, intentional, rational body.”  This definition grasps the most important elements that have occupied philosophical and scientific thought, previously and at present, inasmuch as they constitute the basic components of human nature in view of the material and spiritual dimensions proceeding from the sentiment, will and consciousness of man. This view holds in spite of differences, in terms of standards and norms, as to whether to include all the aforementioned elements, or to how they relate or interconnect. When interpreting the human being, there remains a tendency, however, to overlook its universal character by judging man, merely, as person, a perspective that transforms man into a set of conditions, typically described as the human condition. This perspective, however, fails to capture the deep foundations that ground the human substructure wherein the primordial motives dwell.

المستغرِبُ المحفوظ بأصله الأوّل منهجيّة التفكير عند الفيلسوف سيّد حسين نصر

حفظ سيد حسين نصر أصله الديني وهويّته الحضاريّة، وسعى لتظهير روح الإسلام وعرضها على العقل المؤسّس لحداثة الغرب المعاصر. فجاءت منهجيّته مركّبة تقوم على تفعيل ثلاثة خطوط متوازية ومتلازمة هي: التعرّف إلى المجتمعات الغربيّة كما هي في واقعها، كذلك المناهج والسياسات التي اعتمدتها حيال الشرق والمجتعمات الإسلاميّة، وخطّ النقد ويجري عنده متاخمًا للذات وللآخر. ولم يعالج الغرب ككتلة صمّاء بل بنية حضاريّة تتعدّد أضلاعها وينبغي فهمها لبناء إستراتيجيّات للمواجهة.

المعاد في زمن الحاجة إلى الأخلاق

لا تستقيم الحياة الأخلاقية دون نواظم تحدّد حركتها ومفاصلها وغاياتها. وإذا ما سقطت هذه النواظم دون إمكانية التبرير، تهافتت البنى الأخلاقية وتساوت كل الأشياء. وللمعاد، في ضمن هذه النواظم، حاكمية وسعة خاصّتين تجعلانه أصلاً لا تثبت قيم الدين، أيّ دين، دونه. فالمعاد، وهو، بالمطلق، لقاء الله، يحرّك كوامن الشوق إلى لقاء الغاية لدى الإنسان، ويسكن ألمه الذي يكابده في دنياه، ويقفه أمام مسؤولياته التي كانت مذ جُعل مختاراً. بيد أنّ المعاد، كمبحث، يفرض صعوبات خاصّة لدى معالجته، ما يحيلنا على مقاربة لا بدّ لها أن تكون في غاية السعة، بمعنى أنّها تقرأ كل جوانب الذات الإنسانية في محاولةٍ لتلمّس الطريق نحو مصيرها المعاديّ.