“ازدراء الجسد” في النصوص والتعاليم الإسلاميّة؟

ينبغي النظر إلى الجسد كجزءٍ من بنيةٍ تفاعليّة، في إطار مؤسّسيّ، وظيفيٍّ، متوازن، تُصاغ فيه الموازنة على أساس رؤية شاملة، وهدفيّةٍ إنسانيّةٍ عليا، تأخذ بعين الاعتبار جميع حيثيّات الوجود الإنسانيّ. وفي هذا الإطار يغدو الجسد الإنسانيّ موضوعا للإحياء، والإماتة، والرزق، وسائر العمليّات التي تشكل نشاطًا إلهيًّا متميِّزًا. وسوف لن يُلحظ الجسد بوصفه نقصانًا، بل بما هو إمكان استعداديّ للكمال. فيتجاوز الجسد، في النصوص الإسلاميّة، البُعد البيولوجيّ البحت، ويرقى إلى مستوى التمثيل الاجتماعيّ والثقافيّ بما يمتلكه من طاقةٍ تصويريّةٍ هائلةٍ مشحونةٍ بالدلالاتِ السلوكيّة والقيميّة. ولأجل ذلك، إن أيَّ حديثٍ عن عنوان “ازدراء الجسد” في الاسلام، هو استنتاج حتميّ لغياب الاهتمام برؤية واضحة عن الجسد، وليس استنتاجا حتميًّا لدراسة مستوعبة، أو رؤية فاحصة.

The body is to be seen as a part of an interactive formation, in an institutional, balanced and functional framework, wherein equilibrium is arrived at on the basis of a universal, objective-oriented outlook. Such a worldview takes into account all the whereases of human existence. Within it, the human body becomes an object of life, death, sustenance and all the other processes that comprise this very peculiar domain of Divine activity.  We won’t see the body, here, as imperfection; rather can we only see it as a disposition to perfection. Hence the body transcends, in the Islamic founding scriptures, sheer biological dimensionality, connecting with the levels of social and cultural representations by authority of its tremendous illustrative capacities, laden with values and fraught with significations. In view of that, we judge any talk of “disdaining the body” in Islam as resulting, inevitably, from the lack of a fitting view of the body, not from a diligent, all-encompassing survey.

الله والدين في مرآة الإلحاديين الجدد

ما الذي يمكن أن يكون عليه القول في مسألة الإلحاد؟ وهل هناك ما يسوّغ للبحث وسط ركام من ادعاءات لا يجمع بينها سوى طموح جامح؟ هل نبحث في مشكل فلسفي أم ديني أو مجرد ظاهرة اجتماعية أو نفسية؟ ألا يتضمن بحثنا اعترافًا مسبقًا بوجود مسألة جديرة بالتمثل والفحص كإشكالية راهنة، أم أن الإلحاد الجديد – على الرغم من إلحاح المعالجة – لا يعدو في مجمله الزبد الذي يطفو على هامش الواقع الديني قبل أن يذهب جفاءً؟ ألا يفترض إحالة البحث لعلماء الاجتماع أو النفس بأن يترصدوه بالدراسة دون أن يرقى لمستوى الإشكالية الفكرية التي تجاري الاهتمامات الكلية للبشر؟ هل يمتلك الإلحاد أصالةً في مقابل الدين تدفع للبحث فيه من منطلق الندية كما يدعي أتباعه، أم أنه لا يتجاوز في كينونته المعاصرة ذلك العبث التشكيكي الذي لا يكل عن محاولة نشر غسيله على جدار اليقينيات والإيمان الديني؟

What can be said about atheism? Is there any justification for rummaging in a pile of allegations that share nothing in common but wild ambition? Are we looking into a philosophical or religious problem or nothing more than a social or psychological phenomenon? Is this paper not an implicit admission of this matter being worthy of examination as an established problem, or is modern Atheism – despite incessant attempts to address it – nothing but the scum that floats on the sidelines of religious reality before it leaves as dross? Would this matter not best be relegated to social scientists or psychologists who would study it without it rising to the station of intellectual problems that address man’s general concerns? Does atheism possess authenticity vis-à-vis religion that warrants driving investigation into it on equal grounds with religion, just as its followers claim? Or does its contemporary state not surpass the skeptical absurdism that continues to hang its dirty laundry on the wall of certainties and religious belief?

الخصائص العامة للانسان منم منظور الطباطبائي

يتجلى فهم الطباطبائي للإنسان من خلال إسهامه في بناء منظومة قيمية تأخذ بالحسبان دور الاعتبارات العملية في إعادة تشكيل اللحمة مع عالم الغيب؛ وما الاعتبارات سوى وسائل لحقائق وجودية تحتها، وليست هي غايات في نفسها؛ ولهذا يحيلنا الطباطبائي وعلى الدوام إلى النظر فيما هو أبعد من تلك الاعتبارات والتي قد يؤدي عزلها عن أصولها إلى اختزال الحقيقة الإنسانية في البعد التجريبي، أو الاعتباري البحت، الأمر الذي يوقعنا في حلقة مفرغة تتصنّم عندها الاعتبارات، وتنقلب عن غاياتها المرجوة إلى سلوكيات عدمية ليس في قاموسها سوى لغة النبذ والتكفير وطمس معالم الهوية الإنسانية. من هنا، كان من الضروري أن نعاود تشريح البنية الإنسانية على أساس أنثروبولوجيا الروح والنفس عند الطباطبائي لما لذلك من أهمية قصوى في فهم سيرورة الإنسان على مستوى أبعاده الوجودية والغائية.

aṭ-Ṭabāṭabāʾī’s understanding of man is manifested through his contribution to tracing out a system of values that takes into account the sensible contingents to reestablish the very connection with the world of the Unseen. The contingents, qua contingents, are none other than instruments underlying ontological truths. They stand not as an ultimate aim as such. Therefore, al-ʿAllāmahaṭ-Ṭabāṭabāʾī often leads us to explore what lies beyond such contingents that once singled out from the origin thereof might lead to the reduction of the human truth unto the empirical or absolute, nominal dimension, which alludes to a vicious circle whereby the contingents are idolized, drifting from their original aims towards nihilistic behaviors that connote abandon, takfīr, as well as the eclipse of the human identity. Accordingly, it is instrumental to reread the human entity in light of the anthropology of the soul and self in aṭ-Ṭabāṭabāʾī, as it is crucial to bring about an understanding of the process of man in the levels of his ontological and teleological dimensions.

الألم في الفكر الإسلاميّ مقاربة فلسفيّة عرفانيّة

خضع الألم في التراث الفكريّ الإسلاميّ لاعتبارات شتّى تتمازج فيها الحالة الوجوديّة الخالصة مع الحالة المعرفيّة الخالصة، أو تتباين أحيانًا إلى حدّ الافتراق الكلّيّ؛ إذ رئي إلى الألم على أنّه مجرّد تحسّس كيفيّ؛ ينتمي إلى قابليّات الجسد وانفعاليّاته، ويفتقد أيّ صلة مع فعّاليّات النفس الإدراكيّة، فضلًا عن التمثّل العقليّ وطبيعته الصوريّة البحتة التي لا تأتلف ومجسّات الشعور، هكذا استبعد الألم من دوائر القرار الفاعلة والمؤثّرة في بنية الإنسان، ونظر إليه كطفح مرضيّ عابر للجسد، وعمل على تنحيته بحسب التقليد الفلسفيّ الشائع عن دائرة الوجود، وإدراجه في دائرة الشرّ العدميّة، الأمر الذي تسبب باضطرابات مفهوميّة أصابته في الصميم، وأحالته إلى الكمّ السالب على مستوى فعّاليّته في الحياة، فضلًا عن جدوائيّته البحثيّة وعدم بلوغه مستوى النضج الذي يجعل منه واحدًا من الموضوعات المستقلّة في مباحث الفلسفة الإسلاميّة. وفي المقابل، بذلت جهود حثيثة، كلاميًّا وفلسفيًّا، نحو إعادة تشكيل هويّة للألم وفق صياغة تكشف عن تمثّلاته المتجذّرة في بنية الإنسان النفسيّة والعقليّة، فضلًا عن الجسديّة، الأمر الذي مهّد لرؤية عرفانيّة ذات طابع دلاليّ مشغوف بصبغة روحيّة، تكتنفها الرحمة، ويتجاذبها ألم الفراق، والحنين للعودة إلى الجذور الأولى.

الإنسان من خلال الطبيعة والشخص والفطرة

الإنسان، في التقليد المنطقيّ الشائع، عبارة عن “جسم نامٍ، حسّاس، متحرّك بالإرادة، ناطق”. ويحتوي هذا التعريف على أهمّ العناصر التي شغلت التفكير الفلسفيّ والعلميّ قديمًا وحديثًا بوصفها مقوّمات الطبيعة الإنسانيّة، نظرًا لتضمّنه الأبعاد المادّيّة والروحيّة من الشعور والإرادة والوعي، وذلك على الرغم من اختلاف الآراء حول المعايير والضوابط التي قد تتفاوت من جهة احتوائها على جميع الأبعاد الآنفة، أو اقتصارها على بعد دون آخر، وكذلك الاختلاف في تصوير علائقها وكيفيّة ارتباطها. بيد أنّه ثمّة نزوع، في تفسير الإنسان، ينحو إلى إغفال الطبيعة الكلّيّة، من خلال الحكم على الإنسان كشخص، وهو منظور يحيل الإنسان إلى مجموعة من الأوضاع التي يتمّ وصفها عادةً بأنّها أوضاع إنسانيّة، إلّا أنّه يخفق في القبض على الأسس العميقة التي تتحدّد على أساسها بنية الإنسان من خلال الكشف عن الدوافع الأصيلة والكامنة فيه.

Man, according to the mainstream logical tradition, is a “growing, animate, intentional, rational body.”  This definition grasps the most important elements that have occupied philosophical and scientific thought, previously and at present, inasmuch as they constitute the basic components of human nature in view of the material and spiritual dimensions proceeding from the sentiment, will and consciousness of man. This view holds in spite of differences, in terms of standards and norms, as to whether to include all the aforementioned elements, or to how they relate or interconnect. When interpreting the human being, there remains a tendency, however, to overlook its universal character by judging man, merely, as person, a perspective that transforms man into a set of conditions, typically described as the human condition. This perspective, however, fails to capture the deep foundations that ground the human substructure wherein the primordial motives dwell.

المسارات الكلّيّة في قراءة الطبيعة الإنسانيّة

اختُزِل الإنسان في الدراسات الإنسانيّة، وعلم الحياة المعاصر، إلى ما يشبه وضعيّة الكائن البيولوجيّ، مع تخفيض مجحف للمنسوب الغيبيّ من دائرة وجوده. فيما تمحورت الرؤى الفلسفيّة والفكر الدينيّ عمومًا في النظر إلى الإنسان من حيث الجنبة العقلانيّة، وإحالة أبعاده الدنيا إلى مرتبة الشروط الإعداديّة لحياته الروحيّة. وتفيد نصوص الوحي أنّ الإنسان بدأ من طين، وأنّه كما بدأ سيعود. وقد شكّل هذا التأسيس قاعدةً للتساؤل والاعتراض في الملإ الأعلى، وعليه ابتنى الإنذار والبشرى في الملإ الأدنى {لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا}. وإذا كانت حقائق الوحي تلحظ الجنبة الحيوانيّة التي تظلّ مصاحبةً لوجود الإنسان طالما أنّه يعيش بالشعور والعقل معًا، أمكن لنا حينئذ أن نتساءل: هل الإنسان حيوان، يتميّز في بعض مراحله بأنّه ناطق؟ أم إنّ الإنسان ناطق، يتميّز في بعض مراحله بأنّه حيوان؟ والقصد من السؤال هو الدفع باتّجاه استكشاف مدى ما تمثّله الحياة الحيوانيّة من نفوذ داخل الطبيعة الإنسانيّة، والتأمّل في الماهيّة والوظائف والأبعاد المكوّنة والتي تقوم على أساسها تلك الطبيعة.

In the humanities, as well as in modern biology, man was reduced to a biological being, whereby the internal, hidden, element is minimalized. Philosophical and religious approaches, on the other hand, were confined to the rational aspect of human beings, taking those material aspects, of human beings, to be merely preparative conditions for the spiritual life. In scripture, however, the basic starting point for any understanding of human nature remains that man emerged from clay and it is to clay that he returns. Such a scriptural truth instigated a surge of questioning and protest among the dwellers of the upper realm (the angels and ʾIblīs), and by its virtue, man becomes the addressee of all Divine warning and encouragement. If revelation, in its very essence, takes note of the animal aspect of man, an aspect which accompanies his existence inasmuch as he lives by thought and feeling together, then we are entitled to ask: is man an animal, characterized at some stage by being rational? Or is he a rational being, characterized at some stage by being an animal? The intention here is to pressure towards discovering the weight of the animal life within human nature, and to contemplate the essence, the functions and the constituting elements upon which this nature stands.

الإيمان في كتاب الكافي للكليني

تشكّل المعالجة التي بين أيدينا نحوًا من إجالة النظر في نصوص الكافي، وملاحظة الإيمان الذي يستبق مجمل النسبيّات اللاحقة، والتي تحتكم إليها آليّات الفهم المتّبعة في الفكر العقديّ، وما قد يترتّب وفق هذه الرؤية على صعيد الفهم والاستنتاج. وتبرز صورة الإنسان المؤمن بوصفه الخلاصة الإلهيّة التي استخلفها في الأرض، وما قد يعنيه ذلك من أنّ الإيمان هو ميزة في جوهر الإنسان قبل أن يكون سيرورة فعل، وسلوك طريق. لذلك يغلب على هذه النصوص – وفق هذه الرؤية – طابع التوصيف، والتصنيف، وإسباغ وضعيّات منجزة على حالات لا يسودها حراك، أو تنتابها تحوّلات اللحظة. في هذا المستوى تحديدًا، تطمح المقالة إلى محاولة إجراء قراءة للإنسان على ضوء أحداث ذلك الزمن المقدّس.

An attempt is made to look into Al-Kāfī, to examine the type of faith preceding the later relativities, to which mechanisms of understanding apply in doctrinal studies, and then to catalogue the implications of such a reading at the interpretive level. Dealing with this faith-type, the primordial, the texts (in Al-Kāfī) are overwhelmingly descriptive, fixated upon categorization, and upon determining the conditions of unmoved states, states unaffected by the transitions of now-moments. At this level explicitly, the paper attempts to read man in the light of the events of that sacred time. Hence, the image of the faithful (man) signifies the divine epitome brought for vicegerency on earth, and the identity of faith is a trait in the essence of man even before he gets subjected to the becoming of acts, to wayfaring.

العلوم المعاصرة ومعياريتها

أسلمة العلوم هي ترشيد للعلوم من خلال الدين، وعلى ضوء الحقّ والفطرة والاستقامة والعدل والحرّيّة والعبوديّة، وبما يتوافق مع ما قُرِّر في عقول البشر وجُبل في فطرتهم، بالإضافة إلى ملاحظة منافعهم الدنيويّة وصلاحهم الأخروي.

كما يعدّ توافق العلوم المعاصرة مع الفطرة الإنسانيّة السليمة ومطلب السعادة الحقيقيّة من المعايير الأساسيّة لتقبّلها أو عدمه، مع مراعاة خصوصيّة كلّ علم – سواء الطبيعيّات أو الإنسانيّات أو العلوم الدينيّة وغيرها – من ناحية الأدوات المنهجيّة والموضوعيّة.

الحقيقة المِتافيزيقية بين حسّ الطبيعة وحدس الوجود

خصوصية الإنسان، هي في كونه ناطقاً، هكذا تمّ تمييز الإنسان عن مشاركاته في الجنس. والناطقية هي إدراك الكائنات؛ هي العقل والفكر والفلسفة، وكل أدواتنا في البحث عن الحقيقة. والحقيقة أوسع من أن تقع في مجال الإحساس الذي يشارك فيه الحيوان.

أمّا الكلّيات فهي على صنفين، كليات حاصلة بتجريد الحسّ، وهي تشكّل جوهر القضية الماهوية، وكليات حاصلة بانتزاع الذهن، وهي تشكّل جوهر القضية الفلسفية. والمِتافيزيقا تهتمّ بالتجاوز إلى الـ‘ما بعد‘ الذي يحتوي على الحقيقة؛ تجاوزَ إقصاء ونبذ، وبهذا المعنى، استُعملت في مجاوزة الأوهام والاعتباريّات، إلى الحقائق النوعية والوقائع الماهوية؛ وتجاوزَ ضمّ وشمول، وبهذا المعنى، ينبغي أن تُستعمل – كما توصي هذه المقالة – في مجاوزة الحسّيات والماهيات إلى الوجود، بوصفه مفهوماً فلسفياً أوّلياً لا ثانوياً.

الدين والأخلاق وإشكالية النسبية عند الشهيد مطهري

تحميل البحث: الدين والاخلاق وإشكالية النسبية- الشيخ حسن بدران

يعالج هذا البحث نظرية الأخلاق عند الشهيد مرتضى مطهري، وذلك عبر تتبّع الأفكار التي أوردها في بعض كتبه ذات الطابع الأخلاقي، ككتاب “فلسفة الأخلاق“، و”ثبات الأخلاق“، و “تحقيق نظرية نسبية الأخلاق“. ولقد حاول الباحث أن يقدّم قراءة موضوعية منسجمة مع أفكار الشهيد التي قارن فيها بين السائد في فلسفة الأخلاق عند المسلمين، وتلك السائدة في الغرب، معرّجاً في السياق على تبيان العلاقة بين الدين والأخلاق، ليخلص من ذلك إلى معالجة موضوع ثبات الأخلاق من خلال أحدث ما قدّم من نتاج فكري على مستوى علاقة الوجوب الأخلاقي بفلسفة الوجود سيما عند العلامة السيد الطباطبائي.