التأسيس الميتافيزيقي للأخلاق عند إيمانويل كانت

 أسس إيمانويل كانت ميتافيزيقا الأخلاق في سياق إيجاد مصالحة، جاءت بين الاتجاهين: العقلي والتجريبي، وذلك من خلال تأصيل كلٍّ من المنجزات التجريبية والعقلية، وإعادة توطيدهما على أسسٍ يقينية.

وقد أحدث ذلك ثورة في تاريخ الفلسفة، شُبّهت بثورة كوبرنيكوس الفلكية، وذلك عندما شكّل العقل نفسه موضوعًا للمعرفة، وأخضعه للنقد، فقد قوّض أسس التفكير الميتافيزيقي، وقضى على أي إمكانية لتأسيس لاهوت ديني، وحاول إقامة دعامة جديدة للإيمان من خلال تضمين الأخلاق.

قدم، من خلال تقسيمه للقضايا إلى: تحليليّة وتركيبية، وإلى ما قبل التجربة وما بعدها، توزيعًا جديدًا مختلفًا لملكات النفس، وسعى من خلال تفكيك العقل العملي عن النظري، إلى نجاة الأخلاق التي كانت قبله قد انبثقت من الدين القائم على رؤية، عمادها المعارف النظرية، بينما قلب كانت الصورة، حين أضحت الأخلاق عنده ركيزة الإيمان الديني المُبتنية على إدراكات العقل العملي.

كما فرّق بين أخلاق الشكل وأخلاق الموضوع، وأوضح أنّ الأخلاق يجب أن تقوم على فكرة الواجب، والآمر المطلق الذي يجب أن تتكئ عليه جميع الأصول الأخلاقية. ومن خلال ذهابه إلى أن الأمر المطلق واجب غير مشروط، أثبت مقولة الحرية، ومن خلال إشارته إلى أن الإخلاص التام للواجب لا يتحقق في هذه الحياة، افترض أن النفس خالدة، ومن خلال القول إنه يجب أن يتحقّق الاتفاق بين قيمة الفضيلة والسعادة، أثبت وجود الله.

Immanuel Kant: The Groundwork of the Metaphysics of Morals

Hussain Safieldin

Abstract

Immanuel Kant founded the metaphysics of morals within the framework of reconciling empiricism and rationalism. He synthesized the outcomes of each approach and reestablished them based on certainties. Kant tackled reason as a subject of knowledge and subjected it to criticism. Moreover, he undermined the principles of metaphysical speculation and eliminated the scope for religious theology. He attempted to settle a new pillar of faith by implicating morals. These insights were as revolutionary in the history philosophy as Copernicus’s.

Kant distinguished between two types of propositions: analytic/synthetic and priori/posteriori. Accordingly, he introduced a new distinct distribution of faculties of soul. Furthermore, he separated practical reason from theoretical one in his endeavor to save morals, which had emerged, before him, out of religion based on theoretical knowledge. However, Kant reversed this image by settling morals as the pillar of religious faith, grounded in the knowledge of practical reason.

Kant also differentiates between object and subject morals. He emphasized that morals should be established on duty and the categorical imperative on which all moral principles should stand. He confirmed freedom by holding that the categorical imperative is an unconditional duty; he presupposed the immortality of the soul on the ground that it is impossible in life to reach utmost devotion to duty; and he proved the existence of God by arguing that the value of virtue and happiness should coincide.

صلاة الإنسان وصلاة الله

ترجمة خليفة الخليفة

الصلاة عند ابن عربي عبادة خاصّة، حوارٌ حميم بين العبد وربّه، حوارٌ هو أشبه بتقاسم الأدوار في ظهور الوجود: (1) صلاة الحقّ المتطلّع إلى الخروج من اللامعرفة به، وهي التجلّي الإلهيّ في مرآة الكائنات، و(2) صلاة العبد التي تُظهر الحقّ الذي يتأمّله العبد في مرآة نفسه. إنّه تعاقبٌ على الأسماء – أسماء الظاهر والباطن، والأوّل والآخر – لا يمكن له أن يتمّ إلّا في القلب، في حضرة الخيال القابل لهذا التعاقب، دون أيّ إخلالٍ بالوحدة، إذ الظاهر هو عين ظهور الباطن وهكذا. ولئن كان المطلق لا يتجلّى في إطلاقه، فإنّ العبد، في صلاته، يطلب أن يعرف مدى استيعاب تعيّنه الخاصّ للفيض الإلهيّ، فيصير مشاهدًا لهذه العين، مرتقيًا بها إلى منزلة علم الله بنفسه، وهذه أبلغ غايات الطالبين.

Prayer, to Ibn ‘Arabī, is a private worship, an intimate dialogue between the servant and his Lord, a dialogue more like a substitution of roles as to the appearance in existence: (1) the prayer of the Real One God eager to leave his unknowability – Divine self-disclosure in the mirror of creation; and (2) the prayer of the servant which reveals his contemplated Lord in his very mirror. It is a succession over the names [of God] – the First and the Last, the Revealed and the Hidden – which can only occur in the heart, the seat of this imaginative presence.

Nowhere here is unity disrupted, for the revealed is the very revelation of the hidden, and the hidden is the very hiddenness of the revealed. Nowhere here, in this prayer, is the Absolute manifested in His absoluteness; that is impossible. Rather, the servant asks to know his aptitude, the capacity of his own receptacle to receive Divine emanation, so as to become an observer of his own determination, his own hexeity, bringing it to the stage of God’s knowledge of Himself; no aspiration is more cherished by those who seek God.

الله والدين في مرآة الإلحاديين الجدد

ما الذي يمكن أن يكون عليه القول في مسألة الإلحاد؟ وهل هناك ما يسوّغ للبحث وسط ركام من ادعاءات لا يجمع بينها سوى طموح جامح؟ هل نبحث في مشكل فلسفي أم ديني أو مجرد ظاهرة اجتماعية أو نفسية؟ ألا يتضمن بحثنا اعترافًا مسبقًا بوجود مسألة جديرة بالتمثل والفحص كإشكالية راهنة، أم أن الإلحاد الجديد – على الرغم من إلحاح المعالجة – لا يعدو في مجمله الزبد الذي يطفو على هامش الواقع الديني قبل أن يذهب جفاءً؟ ألا يفترض إحالة البحث لعلماء الاجتماع أو النفس بأن يترصدوه بالدراسة دون أن يرقى لمستوى الإشكالية الفكرية التي تجاري الاهتمامات الكلية للبشر؟ هل يمتلك الإلحاد أصالةً في مقابل الدين تدفع للبحث فيه من منطلق الندية كما يدعي أتباعه، أم أنه لا يتجاوز في كينونته المعاصرة ذلك العبث التشكيكي الذي لا يكل عن محاولة نشر غسيله على جدار اليقينيات والإيمان الديني؟

What can be said about atheism? Is there any justification for rummaging in a pile of allegations that share nothing in common but wild ambition? Are we looking into a philosophical or religious problem or nothing more than a social or psychological phenomenon? Is this paper not an implicit admission of this matter being worthy of examination as an established problem, or is modern Atheism – despite incessant attempts to address it – nothing but the scum that floats on the sidelines of religious reality before it leaves as dross? Would this matter not best be relegated to social scientists or psychologists who would study it without it rising to the station of intellectual problems that address man’s general concerns? Does atheism possess authenticity vis-à-vis religion that warrants driving investigation into it on equal grounds with religion, just as its followers claim? Or does its contemporary state not surpass the skeptical absurdism that continues to hang its dirty laundry on the wall of certainties and religious belief?

الصداقة والحبّ في المعنويّة الإسلاميّة

ترجمة: محمد علي جرادي

الحبّ والصداقة في النقاشات الفلسفيّة هي صفات أخلاقيّة أصيلة في الروح، تتطلّب تفاعلًا مع الآخرين بأساليب مختلفة أهمّها التألّه أو الصيرورة على هيئة الله، أو التخلّق بأخلاق الله، إذ إنّ ما يميّز البشر عن غيرهم من المخلوقات ليس جمالهم المثالي وحسب، بل قدرتهم على إدراك الأسماء وحقائق الأشياء، وبالتالي قدرتهم على إدراك الجمال أينما حلّ.

In philosophical discussions, love and friendship are considered intrinsic character traits (akhlāq) of the soul that require interacting with others in various ways, the most important of which is deiformity (taʾalluh) or actualizing as one’s own the form of God. Human beings are distinguished from other creatures not only by their perfect beauty but by their ability to recognize the names and realities of things. This means that they are able to recognize beauty wherever they see it.

الإنسان والحقيقة الدينية – الأنا من الكوجيتو إلى الشهادة

تحميل البحث: الانسان والحقيقة الدينية- كمال البكاري

هل ثمة إمكانية لدى الدين والفلسفة لإعادة بناء المدنية المعاصرة انطلاقاً من إعادة فهم وموضعة مقولة الذات/ الأنا على نحو يمكنها من استعادة الامتلاء والتحقق بوصفها غاية لا وسيلة؟ وما هو السبيل كي تستعيد الأنا/الذات مركزيتها في الكون؟ يجيب الباحث على ذلك من خلال التأمّل في ضرورة التحول من الأنا الديكارتية الغائبة لحظة القول والتفكّر إلى أنا الشهادة القائمة على علائقية يستحيل معها الانفكاك عن التفكير.. إذ يستحيل كونها وجوداً منعزلاً بذاته، بل هو وجود يكوّن مسيرة وعي الأنا من خلال ربط الذات بالله.

الأيقونة

تحميل البحث: الأيقونة- المطران جورج خضر

الأيقونة، كعمل فني يحمل دلالات دينية مكثقة، هي، كما يرى الباحث في هذه الدراسة، تتصف بالسكون بدل الجمود، لأنها تعكس حياة أخرى وليست انطفاء حياة، وهي مسكونة بالعشق الإلهي المنبعث من الأشواق الأرضية والمتفجر في النفس إذا أدركت هدى الهدوء المتجرّد عن الهوى.

من هنا – يؤمن الباحث – أن الأيقونة بأبعادها الفنية والدينية تحمل الالتقاء بين الإنسان والله، وتجتمع عندها الروابط بين الفن والعبادة لأنها رسم يترجم الحقيقة.

لايبنتس والعدل الإلهي. الشر من وجهة نظر ليبنتس

تحميل البحث: لايبنتس والعدل الإلهي- مهين رضائي

المحور الأساس لهذا المقال هو الرابطة بين العدل الإلهي وظاهرة الشر، وحيث إن الفيلسوف أبدى دقة أكبر من نظرائه الذين تطرقوا للموضوع ذاته مثل القديس أوغسطين، وإيرنايوس، فقد ارتأينا أن نسلّط شيئًا من الضوء على مشروعه في هذا الميدان، ومقارنته بآراء الفلاسفة المسلمين.

لماذا يختار الله ما هو أفضل؟ لأنه خير ولا يصدر من الخير إلا الخير، وهذا هو المبدأ الرابع عند ليبنتس، أي إن الله خير. الله خير معناه أن الله كامل، ويمتاز بالصفات الثلاث الرئيسية أي الحكمة، وإرادة الخير، والقدرة، هذه الصفات الثلاث غير محدودة على نحو الإطلاق…

الحب الخالص عند ملا صدرا. في الحاجة إلى معيار

تحميل البحث: الحب الخالص عند ملا صدرا- جاد حاتم

الحب الخالص وهو حب الجوهر من دون أن تنفى عنه أية صفة، يتبدل عندما يتحول إلى حب للعدو، ولذلك يفضل الملا صدرا من الآن فصاعداً أن يعتبر بعض أسماء الله ذات غلبة على أسماء أخرى هي توابعها مع أنها كلها واحدة في الجوهر وفي الحقيقة، إن صفة الرحمة تتماهى مع الوجود،  فالوجود هو الرحمة المشتملة على كل الماهيات ومنها الغضب. والأسبقية ليست زمانية، بل آنية، أونطولوجية. كما يقول المعلم الأندلسي: “كل موجود مرحوم”..

برهان الصدّيقين. أبحاث المعرفة العقلية

تحميل البحث: برهان الصديقين- محمد صادق الموسوي

يسعى هذا البحث لمراجعة برهان الصديقين من وجهة نظر الحكماء المسلمين أمثال: صدر المتألهين، محمد حسين الطباطبائي، والشيخ محمد حسين الأصفهاني، مقارنة بالبرهان الوجودي عند الفلاسفة الغربيين، أنسلم، وتوما الأكويني..

الرمزية الدينية

تحميل البحث: الرمزية الدينية- ولتر ستيس

يعالج  “ولتر ستيس” في هذا البحث، موضوع “الرمزية الدينية”، فيعتبرها تختلف عن أية رمزية أخرى “غير دينية”، فهي لا يمكن أن تترجم إلى لغة حرفية؛ لأنها تنطلق من خبرة أو تجربة، فيما الرمز والمرموز إليه في الرمزية غير الدينية تبنى عبر علاقة “المعنى”، نجد أن هذه العلاقة في الرمزية الدينية هي علاقة “استشارة” أو علاقة استدعاء”. وانطلاقاً من هذا الفهم، يبدأ بالرد على الفلاسفة الوضعيين، الذين اعتبروا اللغة الدينية مجرد ألفاظ منطوقة لا معنى لها، فيؤكّد على تهافت هذه النظرة التي لم تستطع أن تتنبّه إلى أهمية هذه اللغة لدى أجيال متعاقبة في البشر، ظلت تقتبس هذه الكلمات المشهورة، ليصل بعد ذلك إلى تفسير الأمر بأن هذه الكلمات تستثير في نفوسنا قدراً من تلك الخبرة التي عاناها صاحب هذه الكلمات نفسه.