انتفض الخواجة نصير الدين الطوسي على ما كان سائدًا، فكريًّا، في عصره، داعيًا إلى تجديد إن في المنظومة الكلاميّة الشيعيّة، أو في المسائل الفلسفيّة، أو في المباحث العرفانيّة، فحظي، إذ ذاك، بموفّقيّة خاصّة، يكمن جلّها في (1) إعادة إحياء الدرس الفلسفيّ، و(2) إدخال البرهان الفلسفيّ إلى المنظومة الكلاميّة، و(3) ضبط المصطلح الكلاميّ على أساس فلسفيّ. أمّا في المباحث العرفانيّة فقد اختطّ الطوسي أغراض الرياضة الروحيّة، بما هو مغاير عن سابقيه، من مثيل ابن سينا، معتبرًا أنّ هذه الرياضة تمهّد لمراحل السير والسلوك هي بمراتب من التنوّع مختلفة، توصل السالك إلى “تلقّي فيض الحقّ”.
التصنيف: العدد 29
إعادة النظر في المعرفة: “الأسلمة والمستقبل”
ترجمة ديما المعلّم
يشكّل نقاش أسلمة المعرفة حيّزًا محوريًّا بلحاظ آفاق المسلمين المستقبليّة، إذ يركّز هذا النقاش، أكثر ما يركّز، على طبيعة الهويّة الإسلاميّة، والحداثة، وطرق التفكير في الواقع الإسلاميّ، حاضرًا ومستقبلًا. ولكن قد تداخلت في هذا النقاش، عينه، عوامل أدّت إلى تهميش الهويّة الإسلاميّة بالنسبة إلى المشاركين فيه وإلى مراقبيه على حدّ سواء. أمّا هذا المقال، فهو ينظر إلى الأسلمة على أنّها مشروع حضاريّ (1) مرجعه القرآن، و(2) قوامه إعادة النظر في المعرفة. كما يحلّل المقاربات المؤسّساتيّة والمفاهيميّة المعتمَدة. وتجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أنّ عمليّة إنشاء فروع معرفيّة جديدة، في إطار الأسلمة، هي ثلاثيّة الأطراف، ترتكز على (1) الكلّانيّة، و(2) محوريّة المجازفة والشكّ، و(3) الاعتراف بالجهل. ثمّ إنّ الأسلمة تنطوي على نقد الحضارة الغربيّة، ما يجعلها تبدو ذات نزعة رفضيّة، لكنّ هدفها، في الحقيقة، ليس إلّا التوفيق بين نظرتَين مختلفتَين. ويعدّ خطاب الأسلمة، راهنًا، تنظيريًّا، فالتطبيق يحتاج إلى ممارسة وجهد، كليهما.
الحبّ الإلهيّ قراءة في الأدبيّات الشيعيّة التأسيسيّة
إن الحبّ إلّا عضد العلاقة التي تجمع الإنسان بمصدره الذي هو الله. وقد بسطت الأدبيّات الإسلاميّة لمحوريّة مبحث الحبّ من حيث هو منهج سلوكيّ يؤكّد أن لا بدّ لأيّ منظومة، معرفيّة وعملانيّة، من مرتكز فلسفيّ مِتافيزيقيّ، ورؤية دينيّة تأسيسيّة. يمثّل الحبّ تمام الحقيقة الإلهيّة في ذاتها وروابطها وتجلّياتها، وهو، في مِتافيزيقا الفلسفة الإسلاميّة، يمثّل صنو الحياة الذي يسري في كينونة كلّ موجود بجدل من العشق والشوق.
تصدير أوّليّ حول المباحث المنطقيّة في فِنومِنولوجيا هوسرل
شكّلت ترجمة كتاب مباحث منطقيّة، لإدموند هوسرل، إلى لغة الضادّ أثرًا، لا يُستهان به، على الاشتغال الفلسفيّ العربيّ. يبسط هذا البحث، مستفيدًا من مقدّرات اللغة العربيّة، لعناصر الفكر الفلسفيّ الفِنومِنولوجيّ، كما وضعه هوسرل. طمح هوسرل إلى تأسيس قواعد للمعرفة، متّخذًا من الفِنومِنولوجيا ملاكًا لذلك، من أجل أن تصبح علمًا قبليًّا لا علمًا أمبيريًّا أو تجريبيًّا وقائعيًّا فحسب؛ على غرار بعض مدارس الفكر الفلسفيّ العربيّ الكلاسيكيّ التي أكّدت على أسبقيّة الماهيّة وأصالتها بدلًا من أسبقيّة الوجود العينيّ الخارجيّ الوقائعيّ وأصالته.
دراسة ونقد لبرنامج الفلسفة للأطفال من منظار الحكمة المتعالية
ترجمة عزّة فرحات
يروم هذا المقال إلى دراسة برنامج الفلسفة للأطفال من منظار تعاليم مدرسة الحكمة المتعالية. ويدور رحى البحث حول السؤال الأساس الآتي: ما هي المباني الفلسفيّة لبرنامج الفلسفة للأطفال؟ وما هي الانتقادات التي توجّه إليه بحسب المدرسة إيّاها؟ ثمّة شواهد على وجود وجوه اتّفاق واختلاف بين برنامج الفلسفة للأطفال والمباني الفلسفيّة للمدرسة الصدرائيّة، وإذ ذاك، سنختطّ وجوه الاختلاف والاتّفاق هذه، لنفصح، تاليًا، عن الفوائد التي يمكن سبرها من هكذا برنامج على غير صعيد.
تدريس الفلسفة للأطفال
وكأن ثمّة جسر يباعد ما بين الأطفال والفلسفة، ولا يجمع هذين الكيانين المتباعدين سوى القصّة الفلسفيّة التي تنبني، أكثر ما تنبني، على طرح مبحث فلسفيّ مبسّط، على نسق سؤال يجرّ أسئلة هي من التعدّد والاختلاف بمكان. تمتاز هذه القصص الفلسفيّة، التي تدخل في قلب برنامج الفلسفة للأطفال التعليميّ بالحوارات التي تطرحها، فتصيّر الصفّ مجتمعًا بحثيًّا، يحترم فيه كلّ فرد الآخر. ويكتسب الأطفال بذلك أهمّ الأفكار الفلسفيّة، بعيدًا عن التلقين المحض.
هل يمكن تعليم الفلسفة للأطفال؟
يؤمن الفلاسفة اليونانيّون، وفي مقدّمتهم، أفلاطون، بأن ثمّة شروطًا صعبةً لتعليم الفلسفة، إذ يضطلع بها من بلغ سنّ الرشد حكرًا، ممّن راكم معرفةً. ولكن مع كانط، الذي ميّز بين الفلسفة والتفلسف، اتّخذت طريقة فهم الفلسفة منحًى آخر. فسهّل المنظور الكانطيّ إمكانيّة نقل الممارسة الفلسفيّة من المحتوى إلى الطريقة، وهذه الطريقة، إيّاها، هي القابلة للتعلّم للأطفال، ما إن يطرحوا أسئلة اللماذا أو الما هو، فيعمد المعلّم إلى تحويل المعرفة المعلّمة إلى موضوع نقاش فلسفيّ، مفتتحًا ذلك بسؤال، محاكاةً للمنهج السقراطيّ.
ثلاثيّة العقل والتربية والجمال نحو الإحياء والتكامل
لئن كانت العلوم التجريبيّة، منذ زمن، نقطة انطلاق للتربية والتعليم بلحاظ المفاعيل التي تفرضها، على الكبار كما الناشئة، فإنّ التجربة الجماليّة بدأت مؤخّرًا تفرض مفاعليها من حيث هي زخم يزوّد الناشئة بمصادر معرفيّة كبرى تتجاوز البعد الملموس الضيّق. وبالتالي، يتجاوز الطفل، بهذه التربية، المحدوديّة التي تفرضها العلوم التجريبيّة، التي لا مناص منها، لينطلق، من ثمّ، بإزاء التجريبيّة، إلى تجربة جماليّة – عقليّة في آن.
العالم كما يفهمه الطفل مفهوم الحياة
ترجمة ديمة المعلّl
يجنح الطفل، عادةً، إلى ربط الحياة بالحركة، بدءًا، معتبرًا أنّ كلّ ذي حركة حيّ بالقوّة، والحياة، في نظره، عبارة عن سلسلة من القوى الحرّة، الفاعلة والغائيّة، مؤكّدًا فكرة العلّة الغائيّة في الطبيعة، فكلّ متحرّك حيّ بالضرورة، ليميّز، من ثمّ، ما بين الحركة التلقائيّة والمدفوعة، معتبرًا أنّ في الأشياء حركة أكثر من وعي. وفي المراحل المتقدّمة، ينفي الطفل الوعي عن الأشياء التي نسب إليها الحياة بدءًا، معتبرًا، تاليًا، أنّ نطاق مفهوم الحياة يتجاوز نطاق مفهوم الوعي.
الأطفال والاشتغال الفلسفيّ
ترجمة فاطمة محمّد زراقط
يؤمن بعض الفلاسفة بأنّ الأطفال غير قادرين على الاشتغا لالفلسفيّ، يبسط هذا المقال لبعض من هذه الادّعاءات ويفنّدها، فاعتقادنا بأنّ الأطفال غير قادرين على الاشتغال الفلسفيّ نابع من افتراضات لنا عن الأطفال، ونمط تفكيرهم، وعن الفلسفة بما هي هي. لا يعير كثير من نقّاد الفلسفة للأطفال كثير بال لهذه الافتارضات. كأنّي أرى بأنّ الأطفال الصغار قادرون على الاشتغال الفلسفيّ، ما يرخي بظلاله على تربية الأطفال أنفسهم، بل على كيفيّة الاشتغال الفلسفيّ عند الكبار كذلك.