العالم كما يفهمه الطفل مفهوم الحياة

ترجمة ديمة المعلّم

يجنح الطفل، عادةً، إلى ربط الحياة بالحركة، بدءًا، معتبرًا أنّ كلّ ذي حركة حيّ بالقوّة، والحياة، في نظره، عبارة عن سلسلة من القوى الحرّة، الفاعلة والغائيّة، مؤكّدًا فكرة العلّة الغائيّة في الطبيعة، فكلّ متحرّك حيّ بالضرورة، ليميّز، من ثمّ، ما بين الحركة التلقائيّة والمدفوعة، معتبرًا أنّ في الأشياء حركة أكثر من وعي. وفي المراحل المتقدّمة، ينفي الطفل الوعي عن الأشياء التي نسب إليها الحياة بدءًا، معتبرًا، تاليًا، أنّ نطاق مفهوم الحياة يتجاوز نطاق مفهوم الوعي.

الأطفال والاشتغال الفلسفيّ

ترجمة فاطمة محمّد زراقط

يؤمن بعض الفلاسفة بأنّ الأطفال غير قادرين على الاشتغا لالفلسفيّ، يبسط هذا المقال لبعض من هذه الادّعاءات ويفنّدها، فاعتقادنا بأنّ الأطفال غير قادرين على الاشتغال الفلسفيّ نابع من افتراضات لنا عن الأطفال، ونمط تفكيرهم، وعن الفلسفة بما هي هي. لا يعير كثير من نقّاد الفلسفة للأطفال كثير بال لهذه الافتارضات. كأنّي أرى بأنّ الأطفال الصغار قادرون على الاشتغال الفلسفيّ، ما يرخي بظلاله على تربية الأطفال أنفسهم،  بل على كيفيّة الاشتغال الفلسفيّ عند الكبار كذلك.

نظرة في الخصائص المنهجيّة لمدرسة صدر المتألّهين

ترجمة: محمّد حسن زراقط

مذ وُجدت مدرسة الحكمة المتعالية على يد صدر المتألّهين الشيرازي حظيت بعدد من المنتقدين الذين يأخذون عليها، بحسب زعمهم، أنّها مدرسة تلفيقيّة، تستورد التعاليم والمواقف المرتبطة من سائر المدارس من دون تحفّظ على منهجها الفلسفيّ، وذلك من ساحات معرفيّة عدّة كالفلسفة المشّائيّة، والإشراقيّة، والعرفان، وعلم الكلام، والنصوص الدينيّة، ثمّ تجمعها في بناء غير منسجم. تحاول هذه المقالة، من خلال الاستناد إلى كلمات ملّا صدرا نفسه، وبمنهجيّة تجمع بين الوصف والتحليل، اكتشاف الخصائص المنهجيّة الفريدة لمدرسة الحكمة المتعالية، بهدف بيان أهمّ وجه من وجوه الامتياز بين هذه المدرسة وسائر المدارس التي تشاركها الاهتمام، والسؤال، والجواب. ثمّ تهدف هذه الدراسة إلى إثبات أنّ هذه المدرسة، وعلى الرغم من استفادتها من إنجازات سائر المدارس والمشارب الفكريّة التي عرفتها الحضارة الإسلاميّة في تاريخ دراستها وبحثها عن الوجود، فهي مدرسة فلسفيّة بكلّ ما لكلمة فلسفة من معنًى.

ومن المسائل التي سوف نتعرّض لها بالدرس في هذه المقالة: (1) نقد مدرسة الحكمة المتعالية منهج العرفان النظريّ، و(2) التمايز بين مدرستي الإشراق والحكمة المتعالية، و(3) منزلة الشهود والتعاليم الدينيّة في الحكمة المتعالية، و(4) المقارنة بين المنهج النقليّ والعقليّ والشهوديّ في مقام اكتساب المعرفة بالوجود، و(5) شرح مصطلحات “العقل المنوّر” و”البرهان الكشفيّ” في الحكمة المتعالية، و(6) تبلور العبرمناهجيّة في مدرسة الحكمة المتعالية.

دراسة المنهج النقديّ للفيض الكاشاني لمسألة القيامة في النظام الفلسفيّ الصدرائيّ

رضا أكبريان ونجمه سادات رادفر

ترجمة حسن طاهر

تعرّضت مسألة القيامة ومفهومها الفلسفيّ المتطابق مع مراتب الوجود في النظام الفكريّ لمدرسة صدر الدين الشيرازي إلى النقد والتمحيص في المنظومة الفكريّة لتلميذه الأبرز الفيض الكاشاني. إذ آل تغيّر رؤية الفيض الكاشاني لمسألة العقل إلى تقديم عرض أكثر اعتدالًا في ما يخصّ علاقة الشرع بالعقل، وأدّى هذا التغيّر، بدوره، إلى تبدّل في نظرته لمسألة القيامة في مراحل حياته المختلفة. ومن خلال دراسة أعماله التي خلّفها في شبابه، وتلك التي ألّفها في فترات لاحقة، يتّضح التحّول الجوهريّ في اتّجاهاته الفكريّة في ما يخصّ مسألة القيامة ومراتبها، وتباين المناهج التي اتّبعها في تفسيرها، بحيث تبدأ من نظرته إلى القيامة بحسب مراتب وجود الإنسان وتنتهي بالرؤية القائمة على الزمن التاريخيّ.

ما هي الحكمة المتعالية؟

ترجمة فاطمة محمّد زراقط

لم يكن الملّا صدرا أوّل من أوجد لفظ “الحكمة المتعالية”، لكنّه هو الذي هذّبه وشذّبه ليسبغ عليه مداليله وأفاهيمه الصدرائيّة، لتضحى الحكمة المتعالية، إذ ذاك، مرتبطةً باسم الملّا صدرا نفسه. تحاول هذه المقالة أن تعرّج على المباني الأساس التي ابتنت عليها مدرسة الحكمة المتعالية، مقدّمةً إيّاها بقالب يقارن بينها وبين المدارس الفلسفيّة السابقة عليها، لا سيّما مدرسة الإشراق ومدرسة المشّاء، مقارنة ستتيح لنا، تاليًا، النفاذ إلى أركان هذه المدرسة من مسبار المدارس التي سبقتها.

الحكمة عند الملّا صدرا

ترجمة ديمة المعلّم

يعدّ مفهوم الوجود ومبدأ الحركة الجوهريّة من أبرز المباني والمرتكزات الفلسفيّة التي بنى عليها الملّا صدرا فكره الفلسفيّ. فالوجود، عنده، حقيقة واحدة مشكّكّة، تتفاوت مراتبها شدّةً وضعفًا، وكمالًا ونقصًا. أمّا الحركة الجوهريّة فهي تطال الأشياء كلّ في هذا العالم، ما خلا تلك التي رُكّب من عقل محض. فكلّ مخلوق يتّخذ صورًا جديدةً إبّان حركته الجرهريّة، لبسًا بعد آخر، فيرتقي، إذ ذاك، إلى مراتب وجوديّة أعلى.

أخلاقيّات المناقشة عند هابرماس من منظور الطبيعة الإنسانيّة

ينطلق هابرماس من السياق الاجتماعيّ الواقعيّ، على خلفيّة مناوئة لفلسفة التعالي، كيما يطرح فلسفةً أخلاقيّةً تقوم على المناقشة، وتكون مقدّمةً لاستعادة الإنسان لطبيعته. هو في ذلك يريد أن يقترح حلًّا لإشكاليّة العقل بغية دراسة شروط إمكان الفرد الاجتماعيّ، دون الخروج عن منظور الفهم الحديث للعالم. فيرى أنّ الحلّ هو في كبح جماح العقل الأداتيّ بجعله تواصليًّا. يوجّه هابرماس مشروعه، بالتالي، نحو كيفيّة إعادة إنشاء العلاقة التواصليّة بين الفردنة والاجتماع بما يصون العقل ولا يقدح في الحرّيّة، من جهة، ويحافظ، من جهة ثانية، على الكلّيّة والعمليّة معًا، من خلال ما يسمّيه “أخلاقيّات المناقشة”.

With contentions against transcendentalism, Habermas proceeds from the actual social context to put forth a moral philosophy grounded in discussion as a pretext to the restoration of human nature. Along these lines, he aims at proposing a solution for the problem of reason with a view of studying the conditions of possibility for the social individual, without straying from the perspective of the modern understanding of the world. Habermas holds that the solution is in curbing instrumental reason by rendering it communicative. He thus directs his project toward reformulating the communicative relation between individualism and social life, upholding reason and respecting freedom, on one hand, and preserving universality and practicality, on the other, through what he terms “the ethics of discussion.”

الطبيعة الإنسانيّة في الهندوسيّة

تمثّل الروح (أتمان) جوهر الطبيعة الإنسانيّة المماثلة للروح المطلق (برهمن). لذلك، فهي بسيطة غير مركبة؛ لا يمكن إدراكها عن طريق الأعضاء الحسيّة أو التحليل العقليّ. إنّما يتمّ ذلك عن طريق إدراك العارف لها عبر التجربة الدينيّة التي تسمح بالوصول إلى ذلك المكوّن الفطريّ في كلّ إنسان. ولأنّها على هذه الشاكلة، تتّخذ الروح من القلب الإنسانيّ مستقرًا لها، وتعمل على تنشيط العوامل التي تساعدها للخلاص من أجل أن تتماثل مع اصلها والاتّحاد به. فعندما يهتمّ الإنسان بنقاء فطرته فإنّه يتوحد بالبراهمن، ويصير مطمئنّ البال والنفس. لا يعني ذلك نفي العالم، أو الخروج منه، إنّما يعني ضرورة نظم العالم عبر مجموعة من الأعمال الصالحة والأخلاقيّة التي لا ترتبط بمصلحة أو منفعة خاصة، إنّما تقوم على عنصر الانسجام الذي يتيح الوصول إلى الأصل المحض بخيريّته.

The soul (Atman) constitutes the very essence of human nature and is analogous to the supreme soul of Brahman. As such, it is simple and cannot be grasped by the sensory organs or through mental analysis. Religious experience, alone, allows for arriving at that primordial constituent in every human being. Thus constituted, the soul dwells in the human heart, attempting to revitalize the elements that lead to redemption through resemblance of its origin, and unity with it. When man is heedful of the purity of his primordial nature, he unites with Brahman, and arrives at the state of peace of mind and soul. This does not suggest renouncing the world, or somehow fleeing from it altogether, but rather stands for organizing the world through a set of conciliatory and ethical actions, far removed from any personal advantage or profit, but based on an element of harmony that enables man to reach his very pure origin.

اللاهوت الطبيعيّ ومعرفة الله الوجوديّة إشكاليّة الوحي في لاهوت رودولف بولتمان

في حين تسترسل تيّارات لاهوتيّة وفلسفيّة مسيحيّة، وغير مسيحيّة، بالكلام عن اللاهوت الطبيعيّ، أي معرفة الله عبر الخليقة، أو العقل، يعارض رودولف بولتمان هذا التوجّه أشدّ معارضة، وقد استنبط لاهوته، الأمين لفكر المصلح مارتن لوتر (1483-1546)، متأثّرًا بفلسفة مارتن هايدغر (1889-1976) الوجوديّة، وملازمًا اللاهوت الجدليّ.  وهو يعتقد أنّه من المستحيل للإنسان معرفة الله بقدرته الخاصّة، أو من خلال التأمّل بالطبيعة أو التاريخ، وهما يحملان سمة رفض الله. فالله لا يتجلّى عبر الفكر، أو مجرى التاريخ، أو الخلق، بل يفصح عن ذاته بذاته في وجود الإنسان، في تاريخيّته Geschichtlichkeit الخاصّة.

While philosophical and theological currents, Christian and non-Christian, speak extensively about natural theology, viz. the knowledge of God through creation or mind, Rudolf Bultmann, against this trend, stresses his opposition. Bultmann, still faithful to the reformist, Martin Luther (1483-1546), formulated his theology under the influence of Martin Heidegger’s (1889-1976) existential philosophy, while firmly adhering to a dialectical theology. He held that man could hardly know God by virtue of his own capacity, or through the observation of nature and history, for both carry the trait of rebuffing God. Rather, God discloses Himself in the very being of man, and through his [man’s] own special historicity (Geschichtlichkeit).

الطبيعة الإنسانيّة ومقاصد الاجتماع السياسيّ

يشكّل الاجتماع السياسيّ الوعاء الذي تتحرّك فيه الطبيعة الإنسانيّة. وقد كان لذهول علماء الكلام عنه، بالإضافة إلى عدم وضوح المقاصد الاستخلافيّة عند الفقهاء، أثرًا سلبيًّا على استجلاء المسارات التكامليّة التي يشتمل عليها القرآن وتقنينها. ونتيجةً لتركّب المسار التكامليّ الإنسانيّ، في بُعدَيه المادّيّ والمعنويّ، ولقدرة الطبيعة الإنسانيّة على التجاوز، فهي متفلّتة ومراوغة، فإنّ المقاربة التشريعيّة القرآنيّة تأتي مركّبةً بدورها كيما تذلّل الموانع المادّيّة والمعنويّة، فلا يخرج الإنسان عن سمت الحرّيّة التي تؤهّله للتعامل مع البلاء، المطّرد والمتوالي، وتتهيّأ الشروط الملائمة، الاجتماع-سياسيّة، التي تمنع الوازع السياسيّ، اللابُدّي، من الحيلولة دون استثمار الإنسان إمكاناته وإطلاقها.

Society—political constraints considered—is the vessel wherein human nature dwells. The fact that the fuqahāʾ (jurisprudents) overlooked the significance of human sociality (ijtimāʿ), in addition to lacking any clear vision as to the Maqāṣid (purposes; objectives) of the vicegerency (of man), adversely affected the uncovering and codification of the integrative pathways (of human perfection) prescribed by the Qurʾān. The prescribed integrative track is complicated at both levels, the material and the spiritual, and human nature is inherently transcending (material and spiritual restraints), even illusive and uncontainable. As such, the legislative Qurʾānic approach needs to be correspondingly sophisticated so as to surmount material and spiritual impediments, while preserving human freedom necessary to deal with incessantly impending tests and trials (balāʾāt), and furnishing the grounds for the proper socio-political conditions  that would prevent political restraints—as necessary as these are—from hampering the fulfillment of man’s potentials.